للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصَدَ الْحَقَّ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَحْضُرْ فِي قَلْبِهِ التَّقْلِيدُ أَرْجُو لَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) فَالْمُخْتَارُ عِنْدِي جَوَازُ الْقَرْضِ عَلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ.

وَأَمَّا (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) فَبَيْعُ النَّحْلِ فِي الْكُوَّارَةِ وَخَارِجِهَا بَعْدَ رُؤْيَتِهِ صَحِيحٌ وَقَبْلَ رُؤْيَتِهِ يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِي بَيْعُ الْغَائِبِ وَبَيْعُ مَا فِيهَا مِنْ عَسَلٍ وَشَمْعٍ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ صَحِيحٌ وَقَبْلَهَا يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِي بَيْعُ الْغَائِبِ، وَبَيْعُ الْغَائِبِ قَدْ صَحَّحَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَاتِّبَاعُهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا لِلْفَقِيرِ لَا بَأْسَ بِهِ لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ:

(أَحَدُهَا) أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ (وَالثَّانِي) أَنَّ الدَّلِيلَ يُعَضِّدُهُ (وَالثَّالِثُ) احْتِيَاجُ غَالِبِ النَّاسِ إلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَى شِرَائِهَا مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَلْبُوسِ فَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ خَفِيفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأُمُورُ إذَا ضَاقَتْ اتَّسَعَتْ وَلَا يُكَلَّفُ عُمُومُ النَّاسِ بِمَا يُكَلَّفُ بِهِ الْفَقِيهُ الْحَاذِقُ النِّحْرِيرُ.

وَأَمَّا (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) فَالْمُتَعَبِّدُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ فِي مَسْأَلَةٍ فَلَهُ أَحْوَالٌ: إحْدَاهَا أَنْ يَعْتَقِدَ بِحَسَبِ حَالِهِ رُجْحَانَ مَذْهَبِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَيَجُوزُ اتِّبَاعًا لِلرَّاجِحِ فِي ظَنِّهِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْتَقِدَ رُجْحَانَ مَذْهَبِ إمَامِهِ أَوْ لَا يَعْتَقِدَ رُجْحَانًا أَصْلًا وَلَكِنْ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ أَعْنِي اعْتِقَادَهُ رُجْحَانَ مَذْهَبِ إمَامِهِ وَعَدَمَ الِاعْتِقَادِ لِلرُّجْحَانِ أَصْلًا بِقَصْدِ تَقْلِيدِهِ احْتِيَاطًا لِدِينِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ تَمْثِيلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا، وَهَذَا كَالْحِيلَةِ إذَا قُصِدَ بِهَا الْخَلَاصُ مِنْ الرِّبَا كَبَيْعِ الْجَمْعِ بِالدَّرَاهِمِ وَشِرَاءِ الْخَبِيثِ بِهَا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، بِخِلَافِ الْحِيلَةِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ حَيْثُ نَحْكُمُ بِكَرَاهَتِهَا.

(الثَّالِثَةُ) أَنْ يَقْصِدَ بِتَقْلِيدِهِ الرُّخْصَةَ فِيمَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِحَاجَةٍ حَاقَّةٍ لَحِقَتْهُ أَوْ ضَرُورَةٍ أَرْهَقَتْهُ فَيَجُوزُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ رُجْحَانَ إمَامِهِ وَيَعْتَقِدَ تَقْلِيدَ الْأَعْلَمِ فَيَمْتَنِعُ وَهُوَ صَعْبٌ وَالْأَوْلَى الْجَوَازُ.

(الرَّابِعَةُ) أَنْ لَا تَدْعُوَهُ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ وَلَا حَاجَةٌ بَلْ مُجَرَّدُ قَصْدِ التَّرَخُّصِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ رُجْحَانُهُ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ لَا لِلدِّينِ.

(الْخَامِسَةُ) أَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَيَجْعَلَ اتِّبَاعَ الرُّخَصِ دَيْدَنَهُ فَيَمْتَنِعُ لِمَا قُلْنَاهُ وَزِيَادَةِ فُحْشِهِ.

(السَّادِسَةُ) أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ مُرَكَّبَةٌ مُمْتَنِعَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَمْتَنِعُ.

(السَّابِعَةُ) أَنْ يَعْمَلَ بِتَقْلِيدِهِ الْأَوَّلِ كَالْحَنَفِيِّ يَدَّعِي بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَيَأْخُذُهَا بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ تُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فَيُرِيدُ أَنْ يُقَلِّدَ الشَّافِعِيَّ فَيَمْتَنِعُ مِنْهَا فَيَمْتَنِعُ لِتَحَقُّقِ خَطَئِهِ إمَّا فِي الْأَوَّلِ وَإِمَّا فِي الثَّانِي وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ مُكَلَّفٌ.

وَهَذَا التَّفْصِيلُ وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ حَسَبَ مَا ظَهَرَ لَنَا، وَقَوْلُ الشَّيْخِ سَيْفِ الدِّينِ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ الْعَمَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>