للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْعُقَيْبَةَ بَلَدٌ وَهِيَ الْأَوْزَاعُ الَّتِي يُنْسَبُ إلَيْهَا الْأَوْزَاعِيُّ وَالْقُرَى الْبَعِيدَةُ عَنْ الْمِصْرِ إذَا أُقِيمَتْ فِيهَا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحِيحَةٌ عِنْدَنَا بَاطِلَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِنَاءُ الْمِصْرِ وَهِيَ الْبِنَاءُ الْمُتَّصِلُ بِهِ وَلَيْسَ مُنْفَصِلًا بِحَيْثُ يُعَدُّ قَرْيَةٌ مِثْلَ حَكْرِ السِّمَاقِ الَّذِي فِيهِ جَامِعُ تَنْكُزَ وَالْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ جَامِعُ يَلْبُغَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا فَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْنِيَ ذَلِكَ عَلَى الْقَصْرِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِمُجَاوَزَةِ السُّورِ وَاشْتَرَطْنَا مُجَاوَزَةَ الْبُنْيَانِ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمَاكِنُ فِي حُكْمِ الْمَدِينَةِ وَإِقَامَةُ الْجُمُعَةُ فِيهَا مَعَ إقَامَتِهَا فِي الْمَدِينَةِ كَإِقَامَةِ جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ.

فَعِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ تَجُوزُ وَعِنْدَنَا الصَّحِيحَةُ هِيَ السَّابِقَةُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ جَامِعُ بَنِي أُمَيَّةَ وَهَذِهِ الْجَوَامِعُ، وَإِذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ فَهَلْ يَجُوزُ التَّعَدُّدُ.

يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ انْفَرَدَ كُلُّ بِنَاءٍ وَوُجِدَ فِيهِ أَرْبَعُونَ تَصِحُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا كَقَرْيَتَيْنِ وَجَامِعُ تَنْكُزَ وَجَامِعُ يَلْبُغَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي مَحَلٍّ مُنْفَصِلٍ عَنْ الْآخَرِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ التَّعَدُّدُ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ وَصُلِّيَتْ جُمُعَةٌ دَاخِلَ السُّورِ وَأُخْرَى خَارِجَهُ فِي الْعِمَارَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا لَمْ يَجُزْ وَكَانَتْ السَّابِقَةُ مِنْهُمَا هِيَ الصَّحِيحَةُ وَفِي ذَلِكَ بَيَّنَ الدَّاخِلَةَ وَالْخَارِجَةَ إلَّا إذَا قُلْنَا: لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ السُّورِ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ الَّتِي دَاخِلَ السُّورِ وَاَلَّتِي خَارِجَهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ فَعَلَى هَذَا لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا فِي أَحَدِهِمَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَالِبًا لَا يُعْلَمُ هَلْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَرْبَعًا ظُهْرًا.

فَيَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ صَلَّى فِي هَذِهِ الْجَوَامِعِ أَوْ فِي جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ أَنْ يُعِيدَهَا ظُهْرًا إلَّا عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ عِنْدَ الْجَمِيعِ إعَادَتُهَا ظُهْرًا وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَفِي جَوَازِهَا مَعَ الشَّكِّ وَالْعِلْمِ بِأَنَّ هُنَاكَ جُمُعَةً أُخْرَى يَظْهَرُ لِأَنَّهُ دُخُولٌ فِي صَلَاةٍ يَجِبُ إعَادَتُهَا فَيُحْكَمُ بِفَسَادِهَا فَكَيْفَ يَجُوزُ الدُّخُولُ فِيهَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَفَاسِدَ كَثِيرَةٌ وَالْمُقْتَضِي لَهَا حُدُوثُ جَوَامِعَ وَهَذَا إنَّمَا حَصَلَ فِي الشَّامِ وَمِصْرَ مِنْ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَلَا يُغْتَرَّ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَاهِرَةِ إلَّا خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ حَتَّى حَصَلَتْ الثَّانِيَةُ فِي زَمَانِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ مَعَ امْتِنَاعِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ مِنْ إحْدَاثِهَا وَالْجَوَامِعُ الَّتِي فِي ظَاهِرِهَا أَكْثَرُهَا حَادِثَةٌ أَوْ فِي أَمَاكِنَ مُنْفَصِلَةٍ وَأَكْثَرُ مَا فِي الشَّامِ مِنْ التَّعَدُّدِ حَادِثٌ، وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَيَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ الْعِيدُ وَإِنْ كَانَ صَحْرَاءَ خَارِجَ الْمِصْرِ وَيَقْصُرُ فِيهِ الْمُسَافِرُ خِلَافًا لَنَا وَلَكِنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمِصْرِ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا أُقِيمَتْ هُنَاكَ وَلَمْ تَقُمْ فِي الْمَدِينَةِ.

أَمَّا إذَا أُقِيمَتْ فِيهِمَا فَتَتَخَرَّجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>