للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِصَصِهِمْ، وَقَدْ يُفْضِي الْأَمْرُ إلَى التَّقَاصِّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثَيْنِ، فَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ حَائِزًا، أَوْ لَا دَيْنَ لِغَيْرِهِ، وَدَيْنُهُ مُسَاوٍ لِلتَّرِكَةِ، أَوْ أَقَلُّ سَقَطَ، وَإِنْ زَادَ سَقَطَ مِقْدَارُهَا، وَبَقِيَ الزَّائِدُ، وَمَأْخَذُ التَّرِكَةِ فِي الْأَحْوَالِ إرْثًا، وَيُقَدِّرُ أَنَّهُ أَخَذَهَا دَيْنًا؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْمِلْكِ أَقْوَى، وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ، وَجِهَةُ الدَّيْنِ تَتَوَقَّفُ عَلَى إقْبَاضٍ، أَوْ تَعَوُّضٍ، وَهُمَا مُتَعَذِّرَانِ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مِلْكُهُ لَكِنَّا نُقَدِّرُ أَحَدَهُمَا، وَإِلَّا لَمَا بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ تَقْدِيرًا مَحْضًا لَا وُجُودَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مَعَ دَيْنِ الْحَائِزِ دَيْنُ أَجْنَبِيٍّ قَدَّرْنَا الدَّيْنَيْنِ لِأَجْنَبِيَّيْنِ فَمَا خَصَّ دَيْنَ الْوَارِثِ سَقَطَ، وَاسْتَقَرَّ نَظِيرُهُ كَدِينَارَيْنِ لَهُ، وَدِينَارٍ لِأَجْنَبِيٍّ، وَالتَّرِكَةُ دِينَارَانِ فَلَهُ دِينَارٌ، وَثُلُثٌ إرْثًا، وَسَقَطَ نَظِيرُهُ، وَبَقِيَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ ثُلُثَا دِينَارٍ، وَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ ثُلُثَيْ دِينَارٍ، وَيَبْقَى لَهُ ثُلُثٌ.

وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا دِينَارَانِ، وَلِلْآخَرِ دِينَارٌ فَلِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ مِنْ دِينَارِهِ الْمَوْرُوثِ ثُلُثَاهُ، وَمِنْ دِينَارِ أَخِيهِ ثُلُثُهُ، وَالثُّلُثُ الْبَاقِي مِنْ دِينَارِهِ يُقَاصِصُ بِهِ أَخَاهُ فَيَجْتَمِعُ لَهُ دِينَارٌ، وَثُلُثٌ، وَلِأَخِيهِ ثُلُثَانِ، وَمَجْمُوعُهُمَا دِينَارَانِ، وَهُوَ اللَّازِمُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ، وَمِقْدَارِ التَّرِكَةِ، وَلَوْ كَانَ زَوْجٌ، وَأَخٌ، وَالتَّرِكَةُ أَرْبَعُونَ، وَالصَّدَاقُ عَشَرَةٌ فَلَهَا عَشَرَةٌ إرْثًا، وَسَبْعَةٌ، وَنِصْفٌ مِنْ نَصِيبِ الْأَخِ دِينَارٍ، وَسَقَطَ لَهَا دِينَارَانِ، وَنِصْفٌ نَظِيرَ رُبْعِ إرْثِهَا ازْدَحَمَ عَلَيْهِ جِهَتَا الْإِرْثِ، وَالدَّيْنِ، وَلَوْ قُلْنَا: السَّبْعَةُ وَالنِّصْفُ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ يَسْقُطُ رُبْعُهَا الْمُخْتَصُّ بِهَا، وَهَلُمَّ جَرَّا إلَّا أَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ عَادَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الِاثْنَيْنِ، وَنِصْفٌ لَكَانَ بِغَيْرِ سَبَبٍ، وَلَزَادَ إرْثُهُ، وَنَقَصَ إرْثُهَا عَمَّا هُوَ لَهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ بَانَ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَأْخُوذُ، وَسَوَاءٌ أَعُطِيَتْ الدَّيْنَ أَمْ لَا، أَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَالْحَاصِلُ لَهَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَنِصْفٌ، وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ، وَهُوَ أَوْضَحُ، وَأَسْهَلُ، وَيَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ التَّرِكَةَ لَا تَنْتَقِلُ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَدَقُّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِلُ قَبْلَ، وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ.

وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَدَّعِيَ، وَلَا تَحْلِفَ إلَّا عَلَى النِّصْفِ، وَالرُّبْعِ، وَكَذَا لَا تَتَعَرَّضُ، وَلَا تَقْبِضُ، وَلَا تُبْرِئ إلَّا مِنْ ذَلِكَ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِالِانْتِقَالِ حَجَرُوا عَلَى الْوَارِثِ فِيهَا كَالرَّهْنِ، وَقِيلَ كَأَرْشٍ، وَقِيلَ كَحَجْرِ الْمُفْلِسِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا، أَوْ أَقَلَّ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَزْيَدَ فَهَلْ نَقُولُ: التَّرِكَةُ مَرْهُونَةٌ بِجَمِيعِهِ، أَوْ بِقَدْرِهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُ الْوَارِثَ أَدَاؤُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَلَا تَخْفَى فَائِدَةُ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا بِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ الْوَارِثِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ التَّرِكَةِ، وَمَنْ تَخَيَّلَ ذَلِكَ فَهُوَ غَالِطٌ، وَهَذَا الرَّهْنُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَارِثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>