للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَسْأَلَةٌ) امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَقَفَتْ كَذَا عَلَى ابْنَتِهَا ثُمَّ عَلَى عَقِبِهَا فَإِذَا انْقَرَضُوا فَلِلْحَرَمِ، يَكُونُ حَبْسُهَا عَلَى عَقِبِهَا وَعَصَبَتِهَا إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَحَكَمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْقَبُولُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا.

(الْجَوَابُ) الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِنْشَاءِ، وَهَذَا إقْرَارٌ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَمَهْمَا أَمْكَنَ الْقَبُولُ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ قَطْعًا ثَبَتَ الْقَبُولُ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ وَحُكْمُ الْقَاضِي بِالْإِقْرَارِ حُكْمُهُ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ، وَالتَّنَاقُضُ بَيْنَ كَلَامَيْهَا إنْ تَكَلَّمَتْ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ تَكَلَّمَتْ بِالثَّانِي لَمْ يُقْبَلْ الثَّانِي وَصُرِفَ إلَى الْحَرَمِ مَعَ الْعَصَبَاتِ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ الْعَقِبِ، وَإِنْ قُرِئَ الْكِتَابُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهَا بِمَضْمُونِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا وَصُرِفَ إلَى الْعَقِبِ وَالْعَصَبَةِ وَبَعْدَهُمْ إلَى الْحَرَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

(كِتَابُ الْغَصْبِ) (مَسْأَلَةٌ) قَالَ الْقَاضِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: سَأَلَنِي عِيسَى الزَّنْكَلُونِيُّ عَنْ أَرْضٍ تُؤَجَّرُ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ بِعِشْرِينَ الْفَدَّانُ، وَإِذَا أُوجِرَتْ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى الْمُغَلِّ أُوجِرَتْ بِأَرْبَعِينَ فَغَصَبَهَا غَاصِبٌ وَزَرَعَهَا وَلَمْ يُطَالِبْهُ صَاحِبُهَا إلَى أَوَانِ الْمُغَلِّ، وَالْوَاقِعُ فِي الْأَرَاضِي أَنَّ الزَّرْعَ يُبْطِلُ مَنْفَعَتَهَا فَلَا يَتَأَتَّى اعْتِبَارُ كُلِّ مُدَّةٍ وَنَحْوِهَا. وَأُجْرَةُ الْمُغَلِّ إنَّمَا تَكُونُ حَالَّةً فَهَلْ يَضْمَنُ الْعِشْرِينَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَقْتَ زَرْعِهِ حَالَّةً، أَوْ كَيْفَ الْحُكْمُ؟

أَجَبْت: هُنَا ضَمَانَانِ: أَحَدُهُمَا ضَمَانُ جِنَايَةٍ بِإِبْطَالِهِ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ بِزَرْعِهِ يَضْمَنُهُ بِقِيمَةِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ حَالًّا وَتَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ أَطَالَبَهُ صَاحِبُهَا أَمْ لَا سَوَاءٌ أَلْزَمَهُ بِقَلْعِ زَرْعِهِ أَمْ لَا، وَالْغَرَضُ أَنَّ قَلْعَ الزَّرْعِ لَا يُفِيدُ فِي عَوْدِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ.

وَالضَّمَانُ الثَّانِي ضَمَانُ أُجْرَةِ بَقَاءِ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ إمَّا لِاسْتِمْرَارِ زَرْعِهِ فِيهَا وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا يَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَأَيُّ وَقْتٍ حَضَرَ الْمَالِكُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي فَاتَتْ بِجِنَايَتِهِ وَقْتَ تَفْوِيتِهَا وَضَمَانِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي أَقَامَتْ فِي يَدِهِ وَيُرْجَعُ فِي تَقْوِيمِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى أَرْبَابِ الْخِبْرَة، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَا يَنْقُصَانِ عَنْ الْأُجْرَةِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي جَرَتْ بِالْعَادَةِ بِإِيجَارِهِ بِهَا إلَى أَوَانِ الْمُغَلِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[رَجُلٌ هَدَمَ جِدَارَ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُسْتَحِقِّ الْهَدْمِ]

(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ هَدَمَ جِدَارَ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُسْتَحِقِّ الْهَدْمِ.

(أَجَابَ) تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ ضَمَانُ الْأَرْشِ كَمَا قِيلَ فِي الْجِدَارِ الْمَمْلُوكِ، وَالْمَوْقُوفِ وَقْفًا غَيْرَ تَحْرِيرٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَالَانِ، وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ هُوَ كَالْحُرِّ، وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ أُجْرَتُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى تُسْتَوْفَى مَنْفَعَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>