للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ» ، وَهُوَ فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ فَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَقِيلَ: إنَّ عَطَاءً لَمْ يَسْمَعْ مِنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ شَيْئًا ثُمَّ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي بَابٍ بَعْدَهُ أَحَادِيثَ مُعَامَلَةِ خَيْبَرَ وَأَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَقَالَ أَجَازَهُمَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَأَجَازَ الْمُسَاقَاةَ وَأَبْطَلَ الْمُزَارَعَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ أَبْطَلَاهُمَا جَمِيعًا وَالشَّافِعِيُّ يُجِيزُهُمَا إذَا اجْتَمَعَا فِي أَرْضٍ، وَالْمُسَاقَاةَ فِي النَّخْلِ جَمِيعًا وَلَمْ يُبِنْ لَنَا أَنَّ الْمُحَاقَلَةَ الَّتِي نَهَى عَنْهَا مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ.

(فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سُئِلَ: بُسْتَانٌ لِيَتِيمٍ أَجَّرَ وَلِيُّهُ بَيَاضَ أَرْضِهِ بَالِغَةً مِقْدَارَ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرَةِ ثُمَّ سَاقَى عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ مِنْهَا سَهْمٌ لِلْيَتِيمِ، وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ هَهُنَا فِي دِمَشْقَ.

أَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ غَبْنًا فَاحِشًا فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لِسَبَبِ انْضِمَامِهِ إلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَوْنِهِ نَقْصًا مَجْبُورًا بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ مَوْقُوفًا بِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَادَةُ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ فِي بَابِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ تُقَرُّ فِي أَيْدِي أَهْلِهَا وَيُوضَعُ عَلَيْهَا الطَّسْقُ، وَهُوَ الْخَرَاجُ فَذَكَرَ مَا أَمَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِوَضْعِهِ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ إنَّمَا أَوْجَبَ الْخَرَاجَ عَلَى الْأَرْضِ خَاصَّةً بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ فِي الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا مَذْهَبُ الْخَرَاجِ مَذْهَبُ الْكِرَاءِ فَكَأَنَّهُ أَكْرَى كُلَّ جَرِيبٍ بِدِرْهَمٍ وَقَفِيزٍ فِي السَّنَةِ وَأَلْغَى مِنْ ذَلِكَ النَّخْلَ، وَالشَّجَرَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا أُجْرَةً، وَهَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّ السَّوَادَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا عُمَّالٌ لَهُمْ بِكِرَاءٍ مَعْلُومٍ يُؤَدُّونَهُ وَيَكُونُ بَاقِي مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ لَهُمْ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَلَا يَكُونُ فِي النَّخْلِ، وَالشَّجَرِ لَا قِبَالَهُمَا لَا يَكُونُ شَيْءٌ مُسَمًّى فَيَكُونُ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَقَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ، وَهَذَا الَّذِي كَرِهَتْ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقِبَالَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ: إنَّا نَتَقَبَّلُ الْأَرْضَ فَنُصِيبُ مِنْ ثِمَارِهَا قَالَ ذَلِكَ الرِّبَا الْعَجْلَانُ.

وَعَنْ الْحَسَنِ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنَقْبَلُ مِنْك الْأَيْكَةَ بِمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ فَضَرَبَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِائَةً وَصَلَبَهُ حَيًّا، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَبَالَاتُ حَرَامٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَى هَذِهِ الْقَبَالَةِ الْمَكْرُوهَةِ النَّهْيُ عَنْهَا أَنْ يَتَقَبَّلَ الرَّجُلُ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ وَالزَّرْعَ النَّابِتَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْصَدَ وَيُدْرَكَ، وَهُوَ مُفَسَّرٌ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي الْقَرْيَةَ فَيَتَقَبَّلُهَا وَفِيهَا النَّخْلُ، وَالشَّجَرُ، وَالزَّرْعُ، وَالْعُلُوجُ فَقَالَ لَا نَتَقَبَّلُهَا فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا أَصْلُ الْكَرَاهَةِ هَذَا أَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَلَمْ يُخْلَقْ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ فَأَمَّا الْمُعَامَلَةُ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَكِرَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>