للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرُّجُوعَ خِلَافَ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ تَقَدَّمَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ ثُمَّ، أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ فَهَلْ نَقُولُ: إنَّهُ كَالْحَالَةِ الْأُولَى، أَوْ هُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَبِالْجُمْلَةِ خَرَجَتْ مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ عَنْ نَظَرِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَنْ نَحْنُ فِيهِ، وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ بِعَيْبٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي: إنْ قُلْنَا: الْعَبْدُ يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ بِالْأُجْرَةِ فَهَلْ تَرْجِعُ الْمَنَافِعُ إلَيْهِ، أَوْ إلَى السَّيِّدِ عَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. قُلْت: وَقَدْ بَانَ مِمَّا قُلْنَاهُ حُكْمُهُ، وَإِنَّ عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ تَرْجِعُ الْمَنَافِعُ إلَى الْعَتِيقِ لَا إلَى السَّيِّدِ، وَقَدْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرَّوْضَةِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ حَكَى ذَلِكَ، وَالْوَجْهَ الْمُقَابِلَ لَهُ، وَقَالَ: إنَّهُمَا عَلَى الْجَدِيدِ، وَإِنَّ عَلَى الْقَدِيمِ تَكُونُ لِلْعَتِيقِ ثُمَّ قَالَ: كَانَ مُمْكِنٌ أَنْ يُقَالَ: تَكُونُ لَهُ إنْ كَانَتْ بِقَدْرِ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ دُونَهَا إذَا أَوْجَبْنَاهَا لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا إلَّا بِقَدْرِ الْمَنْفَعَةِ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ الْحَدَّادِ: وَإِذَا حَصَلَ الِانْفِسَاخُ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِأُجْرَةِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ كَجٍّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلْيَكُنْ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْمَبِيعِ نَاقِصَ الْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا حَصَلَتْ لَهُ الْمَنْفَعَةُ جَازَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ بَدَلُهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فِي ظَنِّي، وَالْأَصْلُ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي الْخِلَافُ يَأْبَاهُ.

قُلْت: إذَا أَعَدْنَا الْمَنْفَعَةَ لِلْبَائِعِ فَلَا شَكَّ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَعَدْنَاهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْنِ الْمُسْتَتْبِعَةِ لِلْمَنْفَعَةِ، وَقَدْ ارْتَفَعَ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ إمَّا بِالْعَيْبِ الَّذِي هُوَ مِنْ ضَمَانِهِ وَإِمَّا بِالْإِقَالَةِ الَّتِي رَضِيَ بِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

أَمَّا كَوْنُ الْبِنَاءِ يَأْبَاهُ فَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ الْحَدَّادِ: فَإِنْ قُلْت هَلْ يُمْكِنُ بِنَاءُ الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ عَلَى مِلْكِ الْآجِرِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ عَادَتْ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ إلَيْهِ فَتَعُودُ بَعْدَ الْفَسْخِ إلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْآجِرِ تَبَعًا لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَتَعُودُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ لَهُ عِنْدَ دَوَامِ الْإِجَارَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ بِهَا، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ، وَهُوَ تَعَلُّقُهُ تَبِعَتْ الْمِلْكَ.

قُلْتُ: لَا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنِّي قَدْ قَرَّرْتُ أَنْ أَقُولَ الْبُطْلَانُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخَرَّجًا عَلَى قَوْلِنَا: إنَّ الْمَنْفَعَةَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْآجِرِ وَهَذَا يُنَاقِضُهُ، وَالثَّانِي: أَنَّ مِثْلَ الْخِلَافِ مَذْكُورٌ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ فِيهَا أَنْ يُقَالَ عِنْدَ عَدَمِ الرَّدِّ: إنَّ الْمَنْفَعَةَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ ثُمَّ تَنْتَقِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>