للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمُهَا بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُلَّاكِ وَإِمْرَارُ الْيَدِ فِي هَوَائِهَا وَإِدْلَاءُ الدَّلْوِ وَنَحْوِهِ قَدَّمْنَا حُكْمَهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ، وَحَافَّاتُ النَّهْرِ دِمَشْقَ مَبْنِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ أَرْضِ النَّهْرِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فَيَجِبُ الْحُكْمُ أَوْ يَجُوزُ بِكَوْنِهَا غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِأَرْبَابِ الْأَمْلَاكِ وَأَنَّهَا لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَأَرْضِ النَّهْرِ وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا وَيَنْتَفِعَ بِالْمَاءِ الْمُجَاوِرِ لَهَا فِي النَّهْرِ وَخَارِجًا عَنْهُ لِشُرْبِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ وَسَقْيِ دَوَابِّهِ بِإِذْنٍ وَبِغَيْرِ إذْنٍ، وَأَمَّا فَتْحُ كُوَّتِهِ فِي تِلْكَ الْحَافَّةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْفِرَادُ بِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ مَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ فَتْحُهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَضُرُّ جَازَ لِمَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ الْإِذْنُ فِيهِ وَجَازَ لِلْمَأْذُونِ لَهُ الْفَتْحُ بِالْإِذْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يُنْقِصُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ أَرْبَابِ السَّوَاقِي الْخَارِجَةِ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ الْعَالِيَةِ وَالسَّافِلَةِ، فَإِنْ نَقَّصَ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الْمَجَارِي الْخَارِجَةُ مِنْهَا الَّتِي لَا بِنَاءَ فِيهَا، وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ عَلَيْهَا يَدٌ خَاصَّةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ أَرْضِ النَّهْرِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ.

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فِيهَا الْمَجَارِي الْمَبْنِيَّةُ قَبْلَ دُخُولِهَا الْبَلَدَ وَحُكْمُهَا حُكْمُ تِلْكَ الْمَجَارِي؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ وَاضِعُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ النَّهْرِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ حَافِرُهُ فَهُوَ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قَدِيمَةٌ عُمِلَتْ لِمَصَالِحِ دِمَشْقَ وَأَهْلِهَا عَلَى الْعُمُومِ وَمِنْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى بِالدَّوَاةِ وَهُوَ بِنَاءٌ مُمَهَّدٌ مِنْ نَهْرِ الْقَنَوَاتِ إلَى الْمَدِينَةِ. وَرَأَيْت فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ مَوَاضِعَ قَدْ فُتِحَتْ لِأَحْوَاضٍ مُسْبَلَةٍ هُنَاكَ لِيَشْرَبَ النَّاسُ مِنْهَا وَالدَّوَابُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا الشُّرْبُ فَلَا يَظْهَرُ لِي امْتِنَاعُهُ بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ فَعَلَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ امْتَنَعَ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ عَمِلُوا سَبَلَانَاتٍ بِذَلِكَ وَلَمْ يَظْهَرْ إنْكَارُهَا مُطْلَقًا وَلَكِنْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) بَعْدَ دُخُولِهَا إلَى الْبَلَدِ وَقَبْلَ وُصُولِهَا إلَى مِلْكِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَحُكْمُهَا كَالْحُكْمِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ دُخُولِهَا إلَى الْبَلَدِ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى مِلْكِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَجَرَيَانِهَا فِيهِ، فَأَمَّا الْمِلْكُ مَا سِوَى الْمَجْرَى فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِلْكُ صَاحِبِهِ لِبَيِّنَتِهِ وَيَدِهِ، وَأَمَّا الْمَجْرَى الَّذِي فِي حُدُودِهِ فَهَلْ نَقُولُ: إنَّهُ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الظَّاهِرِ جُزْءٌ مِنْ مِلْكِهِ وَقَدْ شَمِلَهُ حُدُودُهُ وَوَرَدَ عَلَيْهِ شِرَاؤُهُ مَثَلًا أَوْ نَقُولُ بِأَنَّهُ كَبَقِيَّةِ الْمَجْرَى قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ وَبَعْدَ مَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَإِنَّهُ كَالطَّرِيقِ وَإِنَّ ذَلِكَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى مِلْكِهِ وَمِلْكُهُ طَارِئٌ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ؟ هَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدِي فِيهِ شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَهُ فِي الْمَاءِ حَقُّ الِاخْتِصَاصِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>