للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلًا أُخْتَيْهَا مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ وَأَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِمَنْعِهِمْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: ٥٨] وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] وَيَقُولُ {الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: ١١٢] وَيَقُولُ {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: ١٠٥] وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ» وَيَقُولُ «قَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ» وَيَقُولُ «وَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» وَيَقُولُ «وَانْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَأَنَا أَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْحُكْمِ لِهَذِهِ بِحَقِّهَا وَالْحُكْمِ عَلَى غَيْرِهَا بِمَنْعِهِ مِمَّا لَا يَسْتَحِقُّ؛ وَاَللَّهَ تَعَالَى أَرْجُو أَنْ يُوَفِّقَنِي لِلْحَقِّ وَلِلْخَلَاصِ وَيُثِيبَنِي عَلَيْهِ مِنْ سَعَةِ فَضْلِهِ بِمَنِّهِ وَكَرْمِهِ إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي بْنِ عَلِيِّ بْنِ تَمَّامٍ السُّبْكِيُّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدِيهِ فِي يَوْمَيْ الْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بَعْضُهُ بِالْعَادِلِيَّةِ بِدِمَشْقَ وَبَعْضُهُ بِمَنْزِلِنَا بِالدَّهْشَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَإِنْ قُلْت مَا فَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَالِدُ الشَّقِيقَةِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّرْجِيحِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِ إنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ لَا يَرْجَحُ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي النِّكَاحِ.

قُلْت هَذَا تَخَيُّلٌ بَاطِلٌ وَالنِّكَاحُ يَدُورُ عَلَى مَحْضِ الْعُصُوبَةِ وَالنَّسَبِ وَدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ وَلِأَجْلِهِ اُعْتُبِرَتْ الْوِلَايَةُ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْأَبِ لَا مَدْخَلَ لِلْأُمُومَةِ فِيهِ فَلِذَلِكَ سَوَّى فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ مِنْ الْأَبِ؛ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَالْمُعْتَبَرُ الْقُرْبُ مِنْ الْمُتَوَفَّى وَالْإِدْلَاءُ إلَيْهِ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ فَاللَّفْظُ لَا يَشْمَلُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْقُرْبَ فَهُوَ نِسْبَةُ الْمِيرَاثِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى تَقْدِيمِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ قَاتِلًا وَالْأُمُّ مُسْلِمَةً أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَالْأَخَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَمَاتَ أَخُوهُمَا الْمُسْلِمُ الَّذِي هُوَ شَقِيقُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِأَخِيهِ الشَّقِيقِ دُونَ أَخِيهِ مِنْ الْأَبِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى حَالِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ الَّذِي يُدْلِي بِهِمَا، وَهَلْ يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّ الشَّقِيقَ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَلَوْ كَانَ كَوْنُ الْمُدْلِي بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ شَرْطًا لَاشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَتَّى لَا يَصْرِفَ لِلْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ إذَا كَانَ أَبُوهَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>