للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَسْمَاءَ الْمُفْرَدَةَ لَا يَجُوزُ النُّطْقُ بِهَا مَرْفُوعَةً وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا يُنْطَقُ بِهَا عَلَى هَيْئَةِ الْمَرْفُوعِ، لِأَنَّ الْمَرْفُوعَ أَقْوَى الْحَرَكَاتِ. وَلِهَذَا نَقُولُ فِي الْعَدَدِ وَاحِدٌ اثْنَانِ بِالْأَلْفِ كَهَيْئَةِ الْمَرْفُوعِ. وَأَصْلُ هَذَا إذَا قُلْت: مَا الْإِنْسَانُ؟ قِيلَ الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ لَيْسَ بِكَلَامٍ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ ذِكْرُ هَذَا لِتَصَوُّرِ حَقِيقَةِ الْإِنْسَانِ وَلِهَذَا يَعُدُّ الْمَنْطِقِيُّونَ الْحَدَّ خَارِجًا عَنْ الْكَلَامِ، وَمَتَى قِيلَ هُوَ الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ كَانَ دَعْوَى لَا حَدًّا، وَالنُّحَاةُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[قَوْله تَعَالَى أَرَأَيْت مَنْ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ]

(آيَةٌ أُخْرَى) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: ٤٣] سَمِعْت شَيْخَنَا أَبَا الْحَسَنِ عَلَاءَ الدِّينِ الْبَاجِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ نَحْوِ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَقُولُ: لِمَ لَا قِيلَ اتَّخَذَ هَوَاهُ إلَهَهُ؟ وَمَا زِلْت مُفَكِّرًا فِي الْجَوَابِ حَتَّى تَلَوْت الْآنَ مَا قَبْلَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ {وَإِذَا رَأَوْكَ} [الفرقان: ٤١] إلَى قَوْلِهِ {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا} [الفرقان: ٤٢] فَعَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ الْإِلَهُ الْمَعْبُودُ الْبَاطِلُ الَّذِي عَكَفُوا عَلَيْهِ وَصَبَرُوا وَأَشْفَقُوا مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهُ فَجَعَلُوهُ هَوَاهُمْ. انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا]

(آيَةٌ أُخْرَى) قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: ٧٥] قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِهِ لِأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُعَرَّفَ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ لِلْعُمُومِ، لِأَنَّ أُولَئِكَ لَيْسَ لَهُمْ غَرْفَةٌ وَاحِدَةٌ بَلْ غُرَفٌ كَثِيرَةٌ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى أَوْ نِسَائِهِنَّ]

(آيَةٌ أُخْرَى) قَوْله تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ الْوَاحِدِيُّ فِي الْبَسِيطِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ يَعْنِي النِّسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ كُلَّهُنَّ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَنْ تَتَجَرَّدَ بَيْنَ يَدَيْ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً لَهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ تَرَاهُنَّ يَهُودِيَّاتٌ وَلَا نَصْرَانِيَّاتٌ لِئَلَّا يَصِفْنَهُنَّ لِأَزْوَاجِهِنَّ، وَقَوْلُهُ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] يَعْنِي الْمَمَالِيكَ وَالْعَبِيدَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُظْهِرَ لِمَمْلُوكِهَا إذَا كَانَ عَتِيقًا مَا تُظْهِرُ لِمَحَارِمِهَا، مَا لَمْ يَعْتِقْ بِالْأَدَاءِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَجَدَ مُكَاتَبُ إحْدَاكُنَّ وَفَاءً فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» هَذَا كَلَامُ الْوَاحِدِيِّ، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] قِيلَ عُنِيَ بِهِ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ، ذَكَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَوْلُهُ {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُنَّ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ أَنْ تُرِي مُشْرِكَةً عَوْرَتَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً لَهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ثنا الْحُسَيْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>