للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْظَمَ تَحْصِيلُ وَقْفٍ أَيَّ وَقْفٍ كَانَ وَنَصَّ عَلَى الضَّيْعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِظَنِّهِ أَنَّهَا لَهُ.

وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ: أَعْطُوهُ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا لَهُ وَأَعْطُوهُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عَبِيدَ لَهُ فَالْغَرَضُ الْأَعْظَمُ فِيهِ وَفِيمَا اشْتَرَى مِنْ الْوَصَايَا إخْرَاجُ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ صَدَقَةً بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَعَيَّنَ الْمَصْرِفُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ بِقَصْرٍ وَقَصْدٍ دُونَ قَصْدِ الْأَوَّلِ فَبَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ الْأَعْظَمُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهُمَا الْوَقْفُ الْمُؤَبَّدُ، وَالْوَصِيَّةُ الْمُعَجَّلَةُ. وَالْوَصِيَّةُ بِالْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ أَيْضًا تَنْقَسِمُ إلَى مَا يَظْهَرُ غَرَضُ الْوَاقِفِ فِي إيثَارِ جِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِلَى مَا يَظْهَرُ غَرَضُهُ فِي إخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ صَدَقَةً وَتُجْعَلُ وَقْفًا.

وَالْقَسَمُ الْأَوَّلُ أَقْوَى فِي غَرَضِ الْبَقَاءِ وَالنَّظَرُ إلَى الْمَالِيَّةِ لَا إلَى غَيْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي نَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ لِيَقْوَى قُوَّةً قَوِيَّةً أَنَّهُ مَتَى تَعَذَّرَ وَقْفُ الضَّيْعَةِ الْمَذْكُورُ يُشْتَرَى مِنْ التَّرِكَةِ مَا يَقُومُ مُقَامَهَا، وَلَا يُفَرَّقُ بِرَدِّ ذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ أَيْضًا لَا فِي الْوَصِيَّةِ بَلْ يُشْتَرَى مُحَافَظَةً عَلَى قَصْدِهِ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَى مَا يَكُونُ مِثْلَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْوَدَ مِنْ الْعَقَارِ، وَلَا يُشْتَرَى مِنْ الْعَقَارِ أَدْوَنَ مِنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مُحَافَظَةً عَلَى غَرَضِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.

وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمَسَائِلِ تَرِدُ الْفَتَاوَى فِيهَا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ مَنْصُوصَةً فِي الْكُتُبِ وَيَكُونُ الْمَأْخَذُ فِيهَا يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ وَغَرَضِهِ وَتَحْصُلُ الْأَجْوِبَةُ فِيهَا فِي الْغَالِبِ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَفِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْقَصْدِ كَمَا اتَّفَقَ فِيمَا حَكَيْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَحْمَدَ، وَتَقَعُ وَقَائِعُ جُزْئِيَّةٌ فِي الْأَحْكَامِ وَالْفَتَاوَى فِي زَمَانِنَا يَظْهَرُ فِيهَا مِنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَقَاصِدِ مَا لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ وَوَضْعُهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.

مِثْلُ مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ فَإِنَّ الْقَرَائِنَ الدَّالَّةَ عَلَى قَصْدِ وَاقِفِهَا وَقْفًا دَائِمًا لِتُرْبَتِهِ وَمَسْجِدِهِ كَثِيرَةٌ نَكَادُ نَقْطَعُ بِهَا وَلَا تَحْصُرُهَا الْعِبَارَةُ فَإِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ مَعَهَا وَرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ يَكَادُ يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ، هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالضَّيْعَةِ الَّتِي وَصَّى بِوَقْفِهَا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا لَهُ.

وَأَمَّا الضَّيْعَةُ الَّتِي وَصَى بِأَنْ تُشْتَرَى وَتُوقَفَ وَتَعَذَّرَ ذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْت فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِهَذِهِ الْأَلْفِ ضَيْعَةٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَتُوقَفُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ ضَيْعَةٌ لَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>