للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْكُمْ الشَّرْعُ بِإِيرَادِ عَقْدٍ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى فَاسِدٍ وَلَا عَلَى قِيمَتِهِ.

وَهَا هُنَا فِي الْإِصْدَاقِ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُفَرَّعُ عَلَيْهِ يُحْكَمُ بِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا فَإِذَا كَانَ هُوَ قِيمَةُ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِوُرُودِ الْعَقْدِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهَا وَذَلِكَ بَعِيدٌ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ.

وَأَمَّا مَنْ اعْتَبَرَ الْعَصِيرَ فَأَخَذَ الْعِبَارَةَ وَقَطَعَ النَّظَرَ عَنْ الْمُشَارِ إلَيْهِ إلَّا فِي الْمِقْدَارِ وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَصَدَقَتْك هَذَا الْخَمْرَ، وَلَمْ يُقَلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ الْبَدَلِ إلَّا عَلَى طَرِيقَةٍ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، وَالْمُمَكَّنُ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَنَّ الْمُصَدِّقَ مُلْتَزِمٌ لِمَا جَعَلَهُ صَدَاقًا وَعَيْنُهُ مُلْغَاةٌ فَيُلْغَى مَا جَاءَ مِنْهُ الْفَسَادُ وَهُوَ الشِّدَّةُ الْمُضْطَرِبَةُ وَيَبْقَى وَصْفُ الْعَصِيرِ مُلْتَزِمًا فِي الذِّمَّةِ فَيَأْتِي بِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَمْزُوجًا فَبِقِيمَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَهَذَا الْحُكْمُ وَالتَّعْلِيلُ جَارٍ فِيمَا إذَا قَالَ: أَصَدَقْتُك هَذَا الْعَصِيرَ أَيْضًا فَكَانَ خَمْرًا وَبِمُلَاحَظَةِ هَذَا التَّعْلِيلِ لَا يَأْتِي تَقْدِيرُ الْخَلِّ أَلْبَتَّةَ.

وَالرَّافِعِيُّ قَالَ الْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ يَعْنِي وَإِنْ جَرَى الْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ الْخَلِّ هُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَوْ قَالَ: أَصَدَقْتُك هَذَا الْخَلَّ فَكَانَ خَمْرًا فَلَا أَعْرِفُ فِيهِ نَقْلًا وَالتَّعْلِيلُ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي الْعَصِيرِ لَا يَأْتِي فِيهِ إلَّا الِاكْتِفَاءُ بِالْعِبَارَةِ وَإِنْ صَحَّ تَقْدِيرُ الْخَلِّ فَيَكُونُ هُنَا أَوْلَى.

وَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ يُقَدَّرُ شَاةً وَالْمَذْكُورُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ بَقَرَةٌ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ.

قُلْت: أَمَّا الْإِمَامُ فَقَدْ قَدَّمْت أَنِّي لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِ بَلْ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ كَمَا سَبَقَ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي اعْتِبَارِ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ وَاجِبَةٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي الْمَيْتَةِ نُقَدِّرُهُ مُذَكَّاةً ثُمَّ الْوَاجِبُ فِيهَا وَفِي الْخِنْزِيرِ الْقِيمَةُ يَعْنِي بَعْدَ تَقْدِيرِنَا الْخِنْزِيرَ شَاةً أَوْ بَقَرَةً، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ نَقُولَ فِي الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ أَيْضًا بِتَقْوِيمِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى قِيمَتَهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ، وَأَمَّا الْغَزَالِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى الْقَيِّمَ مُمْتَنِعَةً جَزَمَ بِالتَّقْدِيرِ وَخَالَفَ قَوْلَهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِمَا قُلْنَاهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَبَعْدَ جَمِيعِ ذَلِكَ وَاضْطِرَابِ الْأَئِمَّةِ فِيهِ يَزِيدُ الْقَوْلُ الْأَصَحُّ قُوَّةً وَهُوَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ يَعْنِي إذَا جَرَى الصَّدَاقُ فَاسِدًا، وَهَذَا حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ الضَّعِيفَةُ مِنْ ضَعْفِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَعْنِي وُجُوبَ بَدَلِ الصَّدَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>