للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ شَيْءٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةٌ. قُلْت أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ إسْقَاطُ حَقٍّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ وَفِي اللَّجَاجِ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الشَّرْطُ وَلَمْ يَأْذَنْ الشَّرْعُ فِيهِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ إيجَابٌ وَلَا تَحْرِيمٌ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الدَّلِيلَ قَدْ قَامَ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَهُوَ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى خُرُوجِ اللَّجَاجِ عَنْهُ بَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَأَمَّا أَنْ نَجْعَلَ اللَّجَاجَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ الْخَارِجَ عَنْ الْأَصْلِ أَصْلًا وَنُلْحِقُ بِهِ الْجَارِي عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ فَغَيْرُ سَدِيدٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ مَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ التَّابِعِينَ - إلَّا أَنَّ طَاوُسًا نُقِلَ عَنْهُ لَفْظٌ مُحْتَمَلٌ لِذَلِكَ أَوَّلْنَاهُ - وَلَا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ إلَّا الشِّيعَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ نَقْلُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مَعَ إبْهَامِهِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ قَائِلِهِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ صُوَرِ الْحَلِفِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى. كَتَبَهُ مُصَنِّفُهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ فِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةِ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا مَا بَقِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا مَا بَقِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ. يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ نَوَى مُعَامَلَةً خَاصَّةً. كَمُدَايَنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا وَتَكُونُ يَمِينُهُ مُنْعَقِدَةً عَلَيْهَا، وَالزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهُمَا مُسْتَمِرَّةٌ لَا تُؤَثِّرُ فِيهَا الْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالزَّوْجِيَّةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعَامَلَاتِ فَإِنْ أَبَانَهَا عَلَى الْفَوْرِ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَهُ رَدُّهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَإِلَّا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِبَقَاءِ الْمُعَامَلَةِ بِدَوَامِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَحْظَةً، وَلَوْ نَوَى مُعَاشَرَةً خَاصَّةً أَوْ نَحْوَهَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَالْمُدَايَنَةِ وَكَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً عَلَيْهَا مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -. كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشْرَ ذِي الْقَعَدَةِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةِ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا بَقِيَّتِي تَكُونِي لِي بِامْرَأَةٍ]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا بَقِيَّتِي تَكُونِي لِي بِامْرَأَةٍ. (الْجَوَابُ) تَطْلُقُ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ الَّذِي حَلَفَ إنْ كَانَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ كَانَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>