للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَزَوِّجَةً بِالْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَلَا يَلِيقُ إدْخَالُ مَنْ هِيَ مُتَزَوِّجَةٌ لَا سِيَّمَا فِي خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَعْظَمِ الْخَلْقِ قَدْرًا، فَلَعَلَّ الْمَقْصُودَ مِنْ بَنَاتِ الْعَمِّ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ الْعَبَّاسِ خَاصَّةً الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ بَلَغَتْ وَأَنَا حَيٌّ لَتَزَوَّجْتُهَا» فَانْظُرْ مَا أَعْظَمَ هَذِهِ الْإِشَارَاتِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ، وَالْأَدَبُ مَعَ شَيْخِ قُرَيْشٍ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَفْرَدَ اسْمَ الْعَمِّ تَنْوِيهًا بِهِ.

وَأَمَّا عَمَّاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ سِتٌّ، وَاحِدَةٌ مِنْهُمْ تُسَمَّى بَرَّةَ، لَا أَعْرِفُ لَهَا بِنْتًا؛ وَخَمْسٌ لَهُنَّ بَنَاتٌ، مِنْهُنَّ بَنَاتُ جَحْشٍ الثَّلَاثُ زَيْنَبُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُخْتَاهَا حَمْنَةُ وَحَبِيبَةُ؛ وَبَنَاتُ أُمَيْمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَمِنْهُنَّ بَنَاتُ عَمَّتِهِ أُمُّ حَكِيمٍ بَنَاتُ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهُنَّ أُمُّ عُثْمَانَ.

وَخَالَاتُهُ وَمِنْهُنَّ قَرِيبَةُ ابْنَةُ عَاتِكَةَ أَبُوهَا أَبُو أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمِنْهُنَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَرْوَى أَبُوهَا كِلْدَةُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَرْطَاةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ وَأَرْوَى أَسْلَمَتْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَأَمَّا عَمَّتُهُ صَفِيَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَبِنْتُهَا أُمُّ حَبِيبَةَ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِخَالِدِ بْنِ حَرَامٍ.

فَقَدْ تَبَيَّنَّ أَنَّ لِعَمَّاتِهِ بَنَاتٍ يُمْكِنُ تَوَجُّهُ الْإِحْلَالِ إلَيْهِنَّ؛ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْإِفْرَادِ، فَلِذَلِكَ جَمَعَهُنَّ بِخِلَافِ الْأَعْمَامِ وَرُبَّمَا لَوْ أُفْرِدَتْ الْعَمَّةُ - وَعِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَهِيَ بِنْتُ عَمَّتِهِ أُمَيْمَةَ - لَذَهَبَ الْوَهْمُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَمَّتُهُ أُمَيْمَةُ وَبَنَاتُهَا وَأُمَيْمَةُ لَمْ تَكُنْ أَسْلَمَتْ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ مِنْ عَمَّاتِهِ صَفِيَّةُ وَأَرْوَى وَعَاتِكَةُ. وَكَانَ يَكُونُ ذَلِكَ غَضَاضَةً عَلَى صَفِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَبَنَاتِهَا.

فَكَانَ فِي جَمْعِهِنَّ أَدَبٌ مَعَ صَفِيَّةَ كَمَا كَانَ فِي إفْرَادِ الْعَمِّ أَدَبٌ مَعَ الْعَبَّاسِ فَانْظُرْ عَجَائِبَ الْقُرْآنِ وَآدَابَهُ وَدَقَائِقَ لَطَائِفِهِ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى. وَهَذِهِ الْعَمَّاتُ الثَّلَاثُ عَاتِكَةُ وَأَرْوَى وَصَفِيَّةُ مُسْلِمَاتٌ مُهَاجِرَاتٌ وَهُنَا بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ {اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} [الأحزاب: ٥٠] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْبَنَاتِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِبَنَاتِ الْعَمِّ، وَالْبَنَاتُ أُمَّهَاتُ الْبَنَاتِ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَانِعٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ إلَّا اخْتِلَافَ الْعَامِلِ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ أَوْ يَجْعَلُ مَحَلَّهُ رَفْعًا عَلَى الْقَطْعِ، وَفِيهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى الِاكْتِفَاءُ بِهِجْرَةِ أُمَّهَاتِهِنَّ عَنْ هِجْرَتِهِنَّ، وَلَا تَظُنُّ بِنَا أَنْ نَقْصِرَ الْآيَةَ عَلَى الْعَبَّاسِ، بَلْ حُكْمُهَا شَامِلٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْأَعْمَامِ، وَلِذَلِكَ خَرَجَتْ أُمُّ هَانِئٍ مِنْهَا بِالتَّقْيِيدِ بِالْهِجْرَةِ، وَلَيْسَتْ مِنْ بَنَاتِ الْعَبَّاسِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ تَارَةً يُنْظَرُ إلَى مَعْنَاهُ وَتَارَةً يُنْظَرُ إلَى لَفْظِهِ وَإِفْرَادِهِ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ قُلْنَا إنَّهُ رُوَّعِي فِيهِ الْأَدَبُ مَعَ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَتَارَةً يُنْظَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>