للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصْنَافُ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَهُمْ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا.

الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ الَّذِينَ لَا دَلِيلَ عِنْدَهُمْ أَلْبَتَّةَ لَا إجْمَالًا وَلَا تَفْصِيلًا بَلْ عِنْدَهُمْ عَقِيدَةٌ جَازِمَةٌ قَدْ صَمَّمُوا عَلَيْهَا وَأَخَذُوهَا عَنْ آبَائِهِمْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا نَشَئُوا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ أَصْلًا وَهَذَا فِي تَصْوِيرِهِ عُسْرٌ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا مَضَى عَلَيْهِ زَمَنٌ لَا بُدَّ أَنْ يَنْظُرَ وَيَصِلَ إلَيْهِ مِنْ الدَّلَائِلِ مَا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الِالْتِحَاقُ إلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى فَإِنْ فُرِضَ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ إلَّا تَصْمِيمٌ تَقْلِيدِيٌّ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَأَبُو هَاشِمٍ يَقُولُ بِكُفْرِهِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ بِإِيمَانِهِ، وَلَكِنَّهُ عَاصٍ بِتَرْكِ النَّظَرِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَاصٍ بَلْ هُوَ مُطِيعٌ مُؤْمِنٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْهُ إلَّا الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ الْمُطَابِقَ وَقَدْ حَصَلَ.

وَأَمَّا الْقِيَامُ بِتَقْرِيرِ الْأَدِلَّةِ وَدَفْعِ الشُّبَهِ فَذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ فَحِينَئِذٍ نَقُولُ الْقِيَامُ بِتَقْرِيرِ الْأَدِلَّةِ وَدَفْعِ الشُّبَهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَكُونُ بِأَحَدِ طَرِيقِينَ إمَّا طَرِيقَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْجَدَلِيِّينَ وَإِمَّا طَرِيقَةُ السَّلَفِ وَهِيَ الْأَنْفَعُ وَالْأَسْلَمُ.

وَالِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ فَرْضُ عَيْنٍ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ كَوْنِهِ عَنْ دَلِيلٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَالْقَائِلُونَ بِوُجُوبِهِ اكْتَفَوْا بِالدَّلِيلِ الْإِجْمَالِيِّ وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِالْعِصْيَانِ وَأَبْعَدَ أَبُو هَاشِمٍ فَقَالَ: إنَّهُ كَافِرٌ وَرُبَّمَا فُهِمَ مِنْ أَبِي هَاشِمٍ إجْرَاءُ ذَلِكَ فِي تَرْكِ الدَّلِيلِ التَّفْصِيلِيِّ وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ الشَّرِيعَةُ الْحَنِيفَةُ السَّهْلَةُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَا عَاصٍ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -. انْتَهَى. .

(مَسْأَلَةٌ) مَا يَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي يُورِدُهُ عَوَامُّ النَّاسِ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ جَمَعَ مَالًا مِنْ نَهَاوِشَ أَنْفَدَهُ اللَّهُ فِي نَهَابِرَ» فَهَلْ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَلْ هُوَ وَارِدٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الصِّحَاحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالْمُوَطَّإِ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ الصِّحَاحِ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَلَا وَرَدَ فِي كُتُبِ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ فَهَلْ يَأْثَمُ مَنْ يُورِدُهُ مِنْ الْعَوَامّ أَوْ غَيْرِهِمْ عَلَى مَنْ يُورِدُهُ عَلَيْهِ وَيُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَدَبًا مُوجِعًا لِكَوْنِهِ كَذَبَ وَقَالَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>