للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَبَعٌ لَهَا مَسُوقٌ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَصْلِ، وَقَدْ يَظْهَرُ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ مَعَ كَوْنِ الْأُجْرَةِ لَمْ تَتَغَيَّرْ. إذَا عَرَفْت هَذَا فَالتَّحْقِيقُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ الْقِيمَةُ وَلَكِنْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ وَالْقَوْلُ بِانْفِسَاخِهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ لَعَلَّ مَأْخَذَهُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقِيمَةَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ، وَهُوَ شَيْءٌ حَكَاهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَجْهًا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ إلَى وَقْتِ التَّغْيِيرِ وَكَذَا بَعْدَ التَّغْيِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يَظْهَرُ خِلَافُهُ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُقَالَ طَرَآنُ ارْتِفَاعِ الْقِيمَةِ كَأَمْرٍ حَادِثٍ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَيُوجِبُ الْفَسْخَ أَوْ الِانْفِسَاخَ ثُمَّ فِي انْعِطَافِهِ عَلَى مَا مَضَى مَا فِي الْفَسْخِ بِعُرُوضِ خَلَلٍ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبَاحِثُ نَفِيسَةٌ تَرَكْت ذِكْرَهَا خَشْيَةَ الْخُرُوجِ عَنْ جَمْعِ فَتَاوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ إلَى مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ غَرَضُنَا إلَّا التَّنْبِيهُ عَلَى إفْرَاطِ ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا أَفْتَى بِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - انْتَهَى.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ أَمْ لَا وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ الْحَقُّ أَوْ السَّبَبُ فَإِنْ أَثْبَتَ السَّبَبَ، كَقَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ زَيْدًا وَقَفَ هَذَا، فَلَيْسَ بِحُكْمٍ لِأَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرٍ آخَرَ هَلْ ذَلِكَ الْوَقْفُ صَحِيحٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَإِنْ أَثْبَتَ الْحَقَّ كَقَوْلِهِ: ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْحُكْمِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ الْحُكْمِ وَهُوَ الْإِلْزَامُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ، وَيُبَيِّنُ لَك هَذَا أَنَّ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَوْ طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ لَمْ يَلْزَمْهُ حَتَّى يُتِمَّ نَظَرَهُ، وَفِي الثَّانِي يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ يَجِبُ الْحُكْمُ بِهِ قَطْعًا، وَرُجُوعُ الشَّاهِدِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الثُّبُوتِ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا، وَاَلَّذِي أَخْتَارُهُ أَنَّهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي كَالرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ.

وَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ يَمْنَعُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَنَقْلُ الثُّبُوتِ فِي الْبَلَدِ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي فِي الْقِسْمِ الثَّانِي الْقَطْعُ بِجَوَازِ النَّقْلِ وَتَخْصِيصِ مَحَلِّ الْخِلَافِ بِالْأَوَّلِ وَالْأَوْلَى فِيهِ أَيْضًا الْجَوَازُ وِفَاقًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>