للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّلَالَةُ الِالْتِزَامِيَّةُ فِي كَلَامِهِمْ ضَعِيفَةً وَلَوْ كَانَتْ قَوِيَّةً لَمْ يُعْتَمَدْ عَلَيْهَا فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الَّذِي يَقْصِدُ إثْبَاتَهُ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَهُ الشَّاهِدُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مُطَابَقَةً، وَأَمَّا كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى فَيُحْتَجُّ بِهِ وَبِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مُطَابَقَةً كَانَ أَوْ الْتِزَامًا فَافْهَمْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعَ عَشَرَ شَهْرَ صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ. انْتَهَى.

ثُمَّ كَتَبَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَقِيبَهُ مَا نَصُّهُ:

(فَرْعٌ) شَبِيهٌ بِهَذَا وَتَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ نَجِدُ كِتَابُ مُبَايَعَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِعَقَارٍ أَوْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى حُدُودِ وَيَقَعُ اخْتِلَافٌ فِي تِلْكَ الْحُدُودِ وَيُطْلَبُ مِنَّا إثْبَاتُ أَنَّ الْحُدُودَ كَمَا تَضَمَّنَهُ ذَلِكَ الْكِتَابُ وَمَا فَعَلْته قَطُّ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ نَحْوِهِمَا هُوَ الْعَقْدُ الصَّادِرُ عَلَى الْمَحْدُودِ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَقَدْ لَا يَكُونُ الشَّاهِدُ عَارِفًا بِتِلْكَ الْحُدُودِ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا سَمِعَ لَفْظَ الْعَاقِدِ فَهُوَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ وَالْحُدُودُ مَحْكِيَّةٌ مِنْ كَلَامِ الْعَاقِدِ، وَهَكَذَا إذَا كَانَ كِتَابُ إقْرَارٍ فَالْمَشْهُودُ بِهِ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ وَالْحُدُودُ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّاهِدِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْعُقُودِ وَالْأَقَارِيرِ وَظُهُورُهُ فِي الْأَقَارِيرِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّاهِدِ وَفِي الْعُقُودِ دُونَهُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْعَقْدِ مِنْ كَلَامِ الشَّاهِدِ وَحِكَايَتِهِ عَنْ حُضُورِهِ الْعَقْدَ وَسَمَاعِهِ فَهُوَ شَاهِدٌ بِالْبَيْعِ وَالْوَقْفِ لَا بِالْإِقْرَارِ بِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِصُدُورِ الْبَيْعِ عَنْ الْمَبِيعِ وَالْوَقْفِ عَلَى الْمَوْقُوفِ.

لَكِنَّا نَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ الْمَبِيعِ وَالْمَوْقُوفِ لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك الْبَلَدَ أَوْ الدَّارَ الَّتِي حَدُّهَا كَذَا وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الشَّاهِدِ عِلْمٌ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيُسَوَّغُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى جَرَيَانِ الْبَيْعِ عَلَى الْحُدُودِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَلَا حُدُودَهُ بَقِيَ عَلَيْنَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَدْ يُشْكِلُ وَهُوَ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ فَكَثِيرًا مَا يَقَعُ هَذَا فِي كُتُبِ الْمُبَايَعَاتِ وَالْأَوْقَافِ مُسْتَقِلًّا تَقُومُ بَيِّنَةٌ أَنَّ فُلَانًا مَالِكٌ حَائِزٌ لِلْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي حُدُودُهُ كَذَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَكَانُ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ وَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي حُدُودِهِ أَوْ فِي بَعْضِهَا وَالشُّهُودُ قَدْ مَاتُوا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْمَكْتُوبُ بِشَهَادَتِهِمْ وَقَصَدَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمَكْتُوبُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ فِي الْحُدُودِ وَيَنْتَزِعَ مِنْ صَاحِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>