للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعد الوضوء لما روى المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بوضوء فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثم تمضمض واستنشق رواه أبو داود، قال أصحابنا وهل يسميان فرضا إذا قلنا بوجوبهما على روايتين وهو مبني على اختلاف الروايتين في الواجب هل يسمى فرضا أم لا والصحيح تسميته فرضا فيسميان فرضا والله أعلم (مسألة) قال (وهما واجبان في الطهارتين وعنه أن الاستنشاق وحده واجب وعنه أنهما واجبان في الكبرى دون الصغرى) وجملة ذلك أن المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين الغسل والوضوء جميعا لأن غسل الوجه فيهما واجب وهما من الوجه.

هذا المشهور في المذهب وهو قول ابن المبارك وابن أبي ليلى وإسحاق، وروى عن أحمد أن الاستنشاق وحده واجب في الطهارتين ذكر القاضي ذلك في المجرد رواية واحدة وبه قال أبو عبيد وأبو ثور قال إبن المنذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه (١) ثم لينثر " متفق عليه ولمسلم " من توضأ فليستنشق " أمر والأمر يقتضي الوجوب ولأن الأنف لا يزال مفتوحا وليس له غطاء يستره بخلاف الفم، وقال غير القاضي من أصحابنا عن أحمد رواية أخرى أنهما واجبان في الكبرى دون الصغرى وهذا مذهب الثوري وأصحاب الرأي لأن الكبرى يجب فيها غسل ما تحت الشعور الكثيفة ولا يمسح فيها على الخفين فوجبا فيها بخلاف الصغرى، وقال مالك والشافعي هما مسنونان في الطهارتين وروي ذلك عن الحسن والحكم وربيعة والليث والاوزاعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " عشر من الفطرة " وذكر منها المضمضة والاستنشاق.

والفطرة السنة وذكره لهما من الفطرة يدل على مخالفتهما لسائر الوضوء ولأنهما عضوان باطنان فلم يجب غسلهما كباطن اللحية وداخل العينين ولأن الوجه ما تحصل به المواجهة ولا تحصل المواجهة بهما ولنا ما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " المضمضة والاستنشاق من الوضوء


١) أي فليجعل في أنفه ماء - حذف المفعول في اكثر روايات البخاري وثبت في بعضها وفي رواية مسلم.
وقوله فلينثر من الثلائي وفي رواية فلينثر

<<  <  ج: ص:  >  >>