للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عنه أن الفقير يعطى قدر ما يحج به الفرض أو يستعين به فيه، يروى اعطاء الزكاة في الحج عن ابن عباس وعن ابن عمر الحج من سبيل الله وهو قول إسحاق لما روي أن رجلا جعل ناقة له في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " اركبيها فإن الحج من سبيل الله " (١) رواه أبو داود بمعناه والاول أولى، وأما الخبر فلا يمتنع أن يكون الحج من سبيل الله والمراد بالآية غيره لما ذكرنا (فصل) فإذا قلنا يدفع في الحج منها فلا يعطى إلا بشرطين أحدهما أن يكون ممن ليس له ما يحج به سواها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي " وقال " لا تحل الصدقة إلا لخمسة " ولم يذكر الحاج فيهم ولأنه يأخذ لحاجته لا لحاجة المسلمين اليه فاعتبرت فيه الحاجة كمن يأخذ لفقره.

الثاني أن يأخذ لحجة الفرض وكذلك ذكره أبو الخطاب لأنه يحتاج إلى اسقاط فرضه وابراء ذمته، أما التطوع فله عنه مندوحة.

وقال القاضي ظاهر كلام أحمد جوازه في الفرض والنفل معاً وهو ظاهر قول الخرقي لأن الكل من سبيل الله ولأن الفقير لا فرض عليه فالفرض منه كالتطوع

فعلى هذا يجوز أن يدفع ما يحج به حجة كاملة وما يعينه في حجه، ولا يجوز أن يحج من زكاة نفسه كما لا يجوز أن يغزو بها * (مسألة) * (الثامن ابن السبيل وهو المسافر المنقطع به دون المنشئ للسفر من بلده) ابن السبيل هو الصنف الثامن من أصناف الزكاة ولا خلاف في استحقاقه وبقاء سهمه وهو المسافر الذي ليس له ما يرجع به إلى بلده وإن كان يسار في بلده فيعطى ما يرجع به إلى بلده، وهذا قول قتادة ونحوه قول مالك وأصحاب الرأي.

وقال الشافعي هو المجتاز، ومن يريد انشاء السفر إلى بلد أيضاً فيدفع اليهما ما يحتاجان اليه لذهابهما وعودهما لانه يريد السفر لغير معصية فأشبه المجتاز ولنا ان السبيل هو الطريق وابن السبيل الملازم للطريق الكائن فيها كما يقال ولد الليل للذي يكثر الخروج فيه والقاطن في بلده ليس في طريق ولا يثبت له حكم الكائن فيها ولهذا لا يثبت له حكم السفر بعزمه عليه دون فعله ولانه لا يفهم من ابن السبيل إلا الغريب دون من هو في وطنه ومنزله وإن انتهت به الحاجة منتهاها فوجب أن يحمل المذكور في الآية على الغريب دون غيره وانما يعطى وله اليسار في بلده لأنه عاجز عن الوصول إليه والانتفاع به فهو كالمعدوم في حقه، فإن كان ابن السبيل فقيراً في بلده أعطي لفقره، وكونه ابن سبيل لوجود الأمرين فيه، ويعطي لكونه ابن سبيل قدر ما يوصله الى بلده لأن الدفع اليه للحاجة الى ذلك فيقدر بقدرها (فصل) وإن كان ابن السبيل مجتازاً يريد بلداً غير بلده فقال أصحابنا يدفع اليه ما يكفيه في مضيه الى مقصده ورجوعه الى بلده لأن فيه اعانة على السفر المباح وبلوغ الغرض الصحيح، لكن


" ١ " الحج من سبيل الله قطعا ولكن المتبادر من جعل قسم من الزكاة في سبيل الله انه ما يكون في مصالح الاسلام العامة كتأمين طريق الحج وتسهيله مثلا وليس منه اعطاء الفقير ما يحج به فان الفقير انما يعطى لفقره ما يدفع به حاجته وحاجة من يمونه وهو لا يدخل في عموم كلمة سبيل الله.
وكتبه محمد رشيد رضا

<<  <  ج: ص:  >  >>