للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مسألة) (ومن قدر على السعي لزمه ذلك إذا كان في وقت المسير ووجد طريقاً آمناً لا خفارة فيه يوجد فيه الماء والعلف على المعتاد، وعنه أن إمكان المسير وتخلية الطريق من شرائط الوجوب.

وقال ابن حامد إن كانت الخفارة لا تجحف بماله لزمه بذلها) متى كملت الشروط المذكورة وجب على الحج على الفور لما ذكرناه ولزمه السعي إليه لأن مالا يتم الواجب إلا به واجب، ولأنه سعي إلى فريضة فكان واجباً كالسعي إلى الجمعة، وإنما يجب عليه السعي إذا كان في وقت المسير وهو كون الوقت متسعاً يمكنه الخروج فيه إليه وأمكنه المسير إليه بما جرت به العادة فلو أمكنه بأن يسير سيراً يجاوز العادة لم يلزمه السعي، ويشترط أن يجد طريقا مسلوكة لامانع فيها بعيدة كانت أو قريبة، براً كان أو بحراً إذا كان الغالب فيها السلامة، فإن لم يكن الغالب منه السلامة لم يلزمه سلوكه، فان كان في الطريق عدو يطلب خفارة لم يلزمه سلوكه ويسقط عنه السعي بسيره كانت أو كثيرة، ذكره القاضي لأنها رشوة فلم يلزمه بذلها في العبادة كالكثيرة وقال ابن حامد: إن كان ذلك مما لا يجحف بماله لزمه الحج لأنها غرامة يقف إمكان الحج على بذلها فلم يمنع الوجوب مع إمكان بذلها كثمن الماء وعلف البهائم، ويشترط أن يكون الطريق آمناً، فإن كان مخوفاً لم يلزمه سلوكه لأن فيه تغريراً بنفسه وماله، ويشترط أن يوجد فيه الماء والعلف كما جرت به العادة بحيث يوجد الماء وعلف البهائم في المنازل التي ينزلها على حسب العادة ولا يلزمه حمله من بلده ولا من أقرب البلدان إلى مكة كأطراف الشام ونحوها لأن هذا يشق ولم تجر العادة به، ولا يتمكن من حمل الماء والعلف لبهائمه في جميع الطريق بخلاف زاد نفسه فإنه يمكنه حمله

(فصل) واختلفت الرواية في إمكان المسير وتخلية الطريق فروي أنهما من شرائط الوجوب لا يجب الحج بدونهما لأن الله سبحانه وتعالى إنما فرض الحج على المستطيع وهذا غير مستطيع، ولأن هذا يتعذر معه فعل الحج فكان شرطاً كالزاد والراحلة وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي، وروي أنهما من شرائط لزوم الأداء فلو كملت الشروط الخمسة ثم مات قبل وجود هذين الشرطين حج عنه بعد موته، وإن اعسر بعد وجودهما بقي في ذمته وهو ظاهر كلام الخرقي، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل ما يوجب الحج؟ قال " الزاد والراحلة " حديث حسن، ولأنه عذر يمنع نفس الأداء فلم يمنع الوجوب كالعضب، ولأن إمكان الأداء ليس بشرط في وجوب العبادات بدليل مالو طهرت الحائض أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون ولم يبق من وقت الصلاة ما يمكن أداؤها فيه، والاستطاعة مفسرة بالزاد والراحلة في الحديث فيجب المصير إليه، والفرق بين هذين وبين الزاد والراحلة أنه يتعذر مع فقدهما الأداء دون القضاء وفقد الزاد والراحلة يتعذر مع الجميع

<<  <  ج: ص:  >  >>