للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عنهما فروى سعيد والاثرم بإسنادهما أن عمر سئل عن رجل وقع بامرأته وهما محرمان فقال: انما حجكما فإذا كان قابل فحجا وأهديا حتى إذا بلغتما المكان الذي أصبتما فتفرقا حتى تحلا.

وروي عن ابن عباس مثل ذلك، وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وروي عن أحمد رضي الله عنه أنهما يتفرقان من حيث يحرمان إلى أن يحلا رواه مالك في الموطأ عن علي رضي الله عنه وروى عن ابن عباس وهو قول مالك لأن التفريق بينهما خوفاً من معاودة المحظور وهو يوجد في جميع إحرامها، ووجه الأول أن ما قبل موضع الإفساد كان إحرامهما فيه صحيحاً فلم يوجب التفريق فيه كالذي لم يفسد وإنما اختص التفريق بموضع الجماع لأنه ربما يذكره

برؤية مكانه فيدعوه ذلك إلى فعله ومعنى التفريق أن لا يركب معها في محمل ولا ينزل معها في فسطاط ونحوه قال أحمد: يفترقان في النزول وفي المحمل والبساط ولكن يكون بقربهما، وهل يجب التفريق أو يستحب؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يجب وهو قول أبي حنيفة لأنه لا يجب التفريق في قضاء رمضان إذا أفسده كذلك الحج (والثاني) يجب لأنه قول من سمينا من الصحابة وقد أمروا به ولأن الاجتماع في ذلك الموضع يذكر الجماع فيكون من دواعيه والأول أولى لأن حكمه التفريق للصيانة عما يتوهم من معاودة الوقاع عند تذكره برؤية مكانه وهذا وهم بعيد لا يقتضي الإيجاب والعمرة فيما ذكرناه كالحج لأنها أحد النسكين فأشبه الآخر فإن كان المعتر مكياً قد أحرم بها من الحل أحرم للقضاء من الحل، وإن كان أحرم بها من الحرم أحرم للقضاء من الحل لأنه ميقاتها ولا فرق بين المكي ومن حصل بها من المجاورين، وإن أفسد المتمتع عمرته ومضى في فسادها فأتمها فقال أحمد: يخرج من الميقات فيحرم منه للحج فإن خشي الفوات أحرم من مكة وعليه دم فإذا فرغ من حجه خرج إلى الميقات فأحرم منه بعمرة مكان التي أفسدها وعليه هدي يذبحه إذا قدم مكة لما أفسد من عمرته، ولو أفسد المفرد حجته وأتم فله الإحرام بالعمرة من أدنى الحل كالمكيين (فصل) وإذا أفسد القارن نسكه فعليه فداء واحد وبه قال عطاء وابن جريج ومالك والشافعي واسحاق وأبو ثور، وقال الحكم عليه هديان ويتخرج لنا أن يلزمه بدنة للحج وشاة للعمرة إذا قلنا يلزمه طوافان وسعيان وقال أصحاب الرأي إن وطئ قبل الوقوف فسد نسكه وعليه شاتان للحج والعمرة ولنا أن الصحابة الذين سئلوا عمن أفسد نسكه لم يأمروه إلا بفداء واحد ولم يفرقوا ولأنه أحد الانساك الثلاثة فلم يجب في افساده أكثر من فدية واحدة كالآخرين وسائر محظورات الإحرام واللبس والطيب وغيرهما لا يجب في كل واحد منهما أكثر من فدية واحدة كما لو كان مفرداً

<<  <  ج: ص:  >  >>