للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقامة الحد عليها من أجل حملها.

وظاهر الحديث المروي في اللعان يدل على أنه لاعنها حال حملها فانتفى عنه ولدها، فإن شرط أنها تضع الولد في وقت بعينه لم يصح وجهاً واحداً لأنه لا يمكن الوفاء به، وكذلك إن شرط أنها لا تحمل لذلك، وقال مالك لا يصح في المرتفعات ويصح في غيرهن، ولنا أنه

باعها بشرط البراءة من الحمل فلم يصح كالمرتفعات، وإن شرطها حائلاً فبانت حاملاً فإن كانت أمة فهو عيب يثبت الخيار وإن كان في غيرها فهو زيادة لا يستحق به فسخاً، ويحتمل أن يستحق لأنه قد يريدها لسفر أو حمل شئ لا تتمكن منه مع الحمل، وإن شرط البيض في الدجاجة فقيل لا يصح لأنه لا علم عليه يعرف به ولم يثبت له في الشرع حكم وقيل يصح لأنه يعرف بالعادة فأشبه اشتراط الشاة لبونا {مسألة} (وإن اشترط الطائر مصوتاً أو انه يجئ من مسافة معلومة صح وقال القاضي لا يصح) إذا شرط في الهزار والقمري ونحوهما أنه مصوت فقال بعض أصحابنا لا يصح وبه قال أبو حنيفة لأن صياح الطير يجوز أن يوجد وأن لا يوجد ولأنه لا يمكنه اكراهه على التصويت.

والأولى جوازه لأن فيه قصداً صحيحاً وهو عادة له وخلقه فيه فأشبه الهملجة في الدابة والصيد في الفهد، وإن شرط في الحمام انه يجئ من مسافة معلومة صح أيضاً اختاره أبو الخطاب لأن هذه عادة مستمرة وفيها قصد صحيح لتبليغ الأخبار وحمل الكتب فجرى مجرى الصيد والهملجة وقال القاضي لا يصح وهو قول أبي حنيفة لأن فيه تعذيباً للحيوان أشبه مالو شرط الكبش مناطحاً.

وإن شرط الغناء في الجارية لا يصح لأن الغناء مذموم في الشرع فلم يصح اشتراطه كالزنا.

وإن شرط في الكبش النطاح أو في الديك كونه مناقراً لم يصح لأنه منهي عنه في الشرع فجرى مجرى الغناء في الجارية.

وإن شرط إن الديك يوقظه للصلاة لم يصح لأنه لا يمكن الوفاء به وإن شرط أنه يصيح في أوقات معلومة جرى مجرى التصويت في القمري على ما ذكرنا (والثالث) أن يشترط نفعاً معلوماً في المبيع كسكنى الدار شهراً وحملان البعير إلى موضع معلوم أو يشترط المشتري نفع البائع في المبيع كحمل الحطب أو تكسيره أو خياطة الثوب أو تفصيله ويصح أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة مثل أن يبيع داراً ويستثنى سكناها سنة، أو دابة ويشترط ظهره إلى مكان معلوم أو عبداً ويستثنى خدمته مدة معلومة نص عليه أحمد وهو قول الأوزاعي وأبي ثور وإسحاق وابن المنذر، وقال الشافعي وأصحاب الرأي لا يصح لأنه يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط ولأنه ينافي مقتضى البيع فأشبه مالو شرط أن لا يسلمه ذلك لأنه شرط تأخير تسليم المبيع إلى أن يستوفي البائع منفعته وقال ابن عقيل فيه رواية أخرى انه يبطل البيع والشرط نقلها عبد الله بن محمد في الرجل يشتري من الرجل الجارية ويشترط أن تخدمه فالبيع باطل

قال شيخنا وهذه الرواية لاتدل على محل النزاع في هذه المسألة فإن اشتراط خدمة الجارية باطل لوجهين (أحدهما) أنها مجهولة فإطلاقه يقتضي خدمتها أبداً وهذا لا خلاف في بطلانه إنما الخلاف في اشتراط منفعة معلومة (الثاني) أن يشترط خدمتها بعد زوال ملكه عنها وذلك يفضي إلى الخلوة بها والخطر برؤيتها وصحبتها وهذا لا يوجد في غيرها ولذلك منع إعارة الأمة الشابة لغير محرمها وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>