للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبايع الناس ثم يخاصمهم فيمر بهم بعض الصحابة فيقول لمن يخاصمه ويحك أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له الخيار ثلاثاً وهذا يدل على اختصاصه بهذا لأنه لو كان للناس عامة لقال لمن يخاصمه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخيار لمن قال لاخلابة، وقال بعض الشافعية إن كانا عالمين أن ذلك عبارة عن خيار الثلاث ثبت وإن علم أحدهما دون الآخر فعلى وجهين لأنه روي أن حبان بن منقذ بن عمرو كان لا يزال يغبن فأتى الني صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال " إذا أنت بايعت فقل لاخلابة ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال فإن رضيت أمسكت وإن سخطت فارددها على صاحبها " وما ثبت في حق واحد

من الصحابة ثبت في حق غيره ما لم يقم على اختصاصه دليل، ولنا أن هذا اللفظ لا يقتضي الخيار مطلقاً ولا يقتضي تقييده بثلاث والأصل اعتبار اللفظ فيما يقتضيه، والخبر الذي احتجوا به إنما رواه ابن ماجه مرسلاً وهم لا يرون المرسل حجة ثم لم يقولوا بالحديث على وجهه إنما قالوا إنه في حق من يعلم أن مقتضاه ثبوت الخيار ثلاثاً ولا يعلم ذلك أحد لأن اللفظ لا يقتضيه فكيف يعلم أن مقتضاه مالا يقتضيه ولا يدل عليه، وعلى أنه إنما كان خاصاً لحبان بدليل ما رويناه ولأنه كان يثبت له الرد على من لم يعلم مقتضاه.

(فصل) إذا شرط الخيار حيلة على الانتفاع بالقرض ليأخذ غلة المبيع ونفعه في مدة انتفاع المقترض بالثمن ثم يرد المبيع بالخيار عند رد الثمن فلا خيار فيه لأنه من الحيل ولا يحل لآخذ الثمن الإنتفاع به في مدة الخيار ولا التصرف فيه قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسئل عن الرجل يشتري من الرجل الشئ ويقول لك الخيار إلى كذا وكذا مثل العقار قال هو جائز إذا لم يكن حيلة أراد أن يقرضه فيأخذ منه العقار فيستغله ويجعل له فيه الخيار ليربح فيما أقرضه بهذه الحيلة، فإن لم يكن أراد هذا فلا بأس.

قيل لأبي عبد الله فإن أراد إرفاقه أراد أن يقرضه مالاً، يخاف أن يذهب فاشترى منه شيئاً وجعل له الخيار لم يرد الحيلة، فقال أبو عبد الله هذا جائز إلا أنه إذا مات انقطع الخيار لم يكن لورثته.

وقول أحمد بالجواز في هذه المسألة محمول على المبيع الذي لا ينتفع إلا بإتلافه أو على أن المشتري لا ينتفع بالمبيع في مدة الخيار لئلا يفضي إلى أن القرض جر منفعة {مسألة} (وينتقل الملك إلى المشتري بنفس العقد في أظهر الروايتين) ينتقل الملك في بيع الخيار بنفس العقد في ظاهر المذهب ولا فرق بين كون الخيار لهما أو لأحدهما أيهما كان وهو أحد أقوال الشافعي وعن أحمد إن الملك لا ينتقل حتى ينقضي الخيار وهو قول مالك والقول الثاني للشافعي وبه قال أبو حنيفة إذا كان الخيار لهما أو للبائع وإن كان للمشتري خرج عن ملك البائع ولم يدخل في ملك المشتري لأن البيع الذي فيه الخيار عقد قاصر فلم ينقل الملك كالهبة قبل القبض، وللشافعي قول ثالث أن الملك موقوف فإن أمضيا البيع تبينا أن الملك للمشتري وإلا تبينا أنه لم ينتقل عن البائع

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع " وقوله " من

<<  <  ج: ص:  >  >>