للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك تقديم أرش الجناية على الدين لذلك، وقال مالك وأبو حنيفة يجبر المشتري أولاً على تسليم الثمن كالمسألة قبلها وقد ذكرنا ما يدل على خلافه، إذا ثبت هذا وأجبنا على البائع التسليم فسلم فإن كان المشتري موسراً والثمن حاضراً أجبر على تسليمه وإن كان الثمن غائباً عن البلد في مسافة القصر أو كان المشتري معسراً فللبائع الفسخ لأن عليه ضرراً في تأخير الثمن فكان له الفسخ والرجوع في عين ماله كالمفلس، وإن كان الثمن في بيته أو بلده حجر على المشتري في المبيع وسائر ماله حتى يسلم الثمن لئلا يتصرف في ماله تصرفاً يضر بالبائع، وإن كان غائباً عن البلد قريباً دون مسافة القصر فللبائع الفسخ في أحد الوجهين لأن عليه ضرراً في تأخير الثمن أشبه المفلس (والثاني) لا يثبت له خيار الفسخ لأنه كالحاضر فعلى هذا يحجر على المشتري كما لو كان في البدل وهذا كله مذهب الشافعي، وقال شيخنا ويقوى عندي أنه لا يجب على البائع تسليم المبيع حتى يحضر الثمن ويتمكن من تسليمه لأن البائع إنما رضي ببذل المبيع بالثمن فلا يلزمه دفعة قبل حصول عوضه ولأن المتعاقدين سواء في المعاوضة

فيستويان في التسليم وإنما يؤثر ما ذكر في الترجيح في تقديم التسليم مع حضور العوض الآخر لعدم الضرر فيه أما مع الحظر المحوج إلى الحجر أو المجوز الفسخ فلا ينبغي أن يثبت ولأن شرع الحجر لا يندفع به الضرر لأنه يقف على الحاكم ويتعذر ذلك في الغالب ولأن ما أثبت الحجر والفسخ بعد التسليم أولى أن يمنع التسليم لأن المنع أسهل من الرفع، والمنع قبل التسليم أسهل من المنع بعده ولذلك ملكت المرأة منع نفسها من التسليم قبل قبض صداقها ولم تملكه بعد التسليم على أحد الوجهين.

وكل موضع قلنا له الفسخ فإنه يفسخ بغير حكم حاكم لأنه فسخ للبيع فتعذر ثمنه فملكه البائع كالفسخ في عين ماله إذا أفلس المشتري وكل موضع قلنا يحجر عليه فذلك إلى الحاكم لأن ولاية الحجر إليه (فصل) فإن هرب المشتري قبل وزن الثمن وهو معسر فللبائع الفسخ في الحال لأنه يملك الفسخ مع حضوره فمع هربه أولى وإن كان موسراً أثبت البائع ذلك عند الحاكم ثم إن وجد الحاكم له ما لا قضاه وإلا باع المبيع وقضى ثمه منه وما فضل فللمشتري وإن أعوز ففي ذمته، قال شيخنا ويقوى عندي أن للبائع الفسخ بكل حال لأنا أبحنا له الفسخ مع حضوره إذا كان الثمن بعيداً عن البلد للضرر في التأخير فههنا مع العجز عن الاستيفاء بكل حال أولى، ولا يندفع الضرر برفع الأمر إلى الحاكم لأنه قد يعجز عن إثباته عنده وقد يكون المبيع في مكان لاحاكم فيه والغالب أن لا يحضره من يعرفه الحاكم بالعدالة فاحالته على هذا تضييع لماله وهذه الفروع تقوي ما ذكرته من أن للبائع منع المشتري من قبض المبيع قبل إحضار الثمن لما في ذلك من الضرر

<<  <  ج: ص:  >  >>