للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فصل) وليس للبائع الامتناع من تسليم المبيع بعد قبض الثمن لأجل الاستبراء وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وحكي عن مالك في القبيحة وقال في الجميلة يضعها على يدي عدل حتى تستبرأ لأن التهمة تلحقه فيها فمنع منها.

ولنا أنه بيع عين لاخيار فيها قد قبض ثمنها فوجب تسليمها كسائر المبيعات وما ذكره من التهمة لا يمكنه من المنع كالقبيحة ولأنه إن كان استبرأها قبل بيعها فاحتمال وجود الحمل منها بعيد نادر وإن كان لم يستبرئها فهو الذي ترك التحفظ لنفسه، ولو طالب المشتري البائع بكفيل لئلا تظهر حاملاً لم يكن له ذلك لأنه ترك التحفظ لنفسه حال العقد فلم يكن له كفيل كما لو طالب كفيلا بالثمن المؤجل

{مسألة} (ويثبت الخيار للتخلف في الصفة وتغير ما تقدمت رؤيته وقد ذكرناه) في الفصل السادس من كتاب البيع بما يغني عن إعادته (فصل) قال رضي الله عنه (ومن اشترى مكيلا أو موزونا لم يجز بيعه حتى يقبضه، وإن تلف قبل قبضه فهو من مال البائع إلا أن يتلفه آدمي فيخير المشتري بين فسخ العقد وإمضائه ومطالبة متلفه ببدله وعنه في الصبرة المتعينة أنه يجوز بيعها قبل قبضها، وإن تلفت فهي من ضمان المشتري) ظاهر المذهب أن المكيل والموزون لا يدخل في ضمان المشتري إلا بقبضه، وهو ظاهر كلام الخرقي وكذلك قال في المعدود سواء كان متعيناً كالصبرة أو غير متعين كقفيز منها، وهو ظاهر كلام أحمد ونحوه قول إسحاق، وروي عن عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب والحسن والحكم وحماد بن أبي سليمان أن كل ما بيع على الكيل والوزن لا يجوز بيعه قبل قبضه وما ليس بمكيل ولا موزون يجوز بيعه قبل قبضه، وقال القاضي وأصحابه المراد بالمكيل والموزون والمعدود ما ليس بمتعين كالقفيز من صبرة والرطل من زبده، فأما المتعين فيدخل في ضمان المشتري كالصبرة يبيعها من غير تسمية كيل، وقد نقل عن أحمد نحو ذلك فإنه قال في رواية أبي الحارث في رجل اشترى طعاماً فطلب من يحمله فرجع وقد احترق فهو من مال المشتري.

وذكر الجوز جاني عنه فيمن اشترى ما في السفينة صبرة لم يسم كيلاً فلا بأس أن يشترك فيها ويبيع ما شاء إلا أن يكون بينهما كيل فلا يولى عليه، ونحو هذا قال مالك فإنه قال فيما بيع من الطعام مكايلة أو موازنة لم يجز بيعه قبل قبضه وما بيع مجازفة أو بيع من غير الطعام مكايلة أو موازنة جاز بيعه قبل قبضه، ووجه ذلك ماروى الأوزاعي عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حياً مجموعاً فهو من مال المبتاع رواه البخاري عن ابن عمر من قوله تعليقاً.

وقول الصحابي مضت السنة يقتضي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولأن المبيع المعين لا يتعلق به حق توفيه فكان من مال المشتري كغير المكيل والموزون ونقل عن أحمد أن المطعوم لا يجوز بيعه قبل قبضه سواء كان مكيلا أو موزونا أو لم يكن، فعلى هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>