للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولأنه نوع إكراه

فلم يحنث به كما لو حمل ولم يمكنه الامتناع لأن الفعل لا ينسب إليه فأشبه من لم يفعله ولا نسلم الكفارة في الصيد بل إنما تجب على المكره * (مسألة) * (فإن حلف فقال إن شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان متصلاً بيمينه) وجملة ذلك أن الحالف إذا قال إن شاء الله مع يمينه فهذا يسمى استثناء.

قال ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث فعل أو ترك " رواه أبو داود، وأجمع العلماء على تسميته استثناء وأنه متى استثنى في يمينه لم يحنث فيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث " رواه الترمذي وروى أبو داود " من حلف فاستثنى فإن شاء رجع وإن شاء ترك " ولأنه متى قال لأفعلن إن شاء الله فقد علمنا أنه متى شاء الله فعل ومتى لم يفعل لم يشاء الله ذلك فإن ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن.

إذا ثبت هذا فإنه يشترط أن يكون الاستثناء متصلا باليمين بحيث لا يفصل بينهما بكلام أجنبي ولا يسكت بينهما سكوتاً يمكنه الكلام فيه فأما السكوت لانقطاع نفسه أو صوته أوعي أو عارض من عطشة أو شئ غيرها فلا يمنع صحة الاستثناء وثبوت حكمه وبهذا قال مالك والثوري وأبو عبيد واسحاق وأصحاب الرأي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من حلف فاستثنى " وهذا يقتضي كونه عقيبه ولان الاستثناء من تمام الكلام فاعتبر اتصاله به كالشرط وجوابه وخبر المبتدأ والاستثناء بالا، ولأن الحالف إذا سكت ثبت حكم يمينه وانعقدت موجبة لحكمها وبعد ثبوته لا يمكن رفعه ولا تغييره، قال أحمد حديث النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك " ولم يقل فاستثن ولو جاز الاستثناء في كل حال لم

<<  <  ج: ص:  >  >>