للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه فإن كان عليه فيها حق في البدن وكان حقاً لآدمي كالقصاص وحد القذف فالمشترط في التوبة التمكين من نفسه ببذلها للمستحق وإن كان حقاً لله تعالى كحد الزنا وشرب الخمر فتوبته بالدم والعزم على ترك العود ولا يشترط الاقرار به فإن كان ذلك لا يشتهر عنه فالأولى له ستر نفسه والتوبة فيما

بينه وبين الله تعالى لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أتى شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه الحد) فإن الغامدية حين أقرت بالزنا لم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وإن كانت معصينه مشهورة فذكر القاضي أن الأولى به الإقرار ليقام عليه الحد لأنه إذا كان مشهوراً فلا فائدة في ترك إفامة الحد عليه.

قال شيخنا والصحيح أن ترك الإقرار أولى لأن النبي صلى الله عليه وسلم عرض للمقر عنده بالرجوع عن الإقرار فعرض لما عز وللمقر عنده بالسرقة بالرجوع مع اشتهاره عنه باقراره وكره الاقرار حتى قيل أنه لما قطع السارق كأنما أسف وجهه رماداً ولم يرد الامر وبالاقرار ولا الحث عليه في كتاب ولا سنة ولا يصح له قياس إنما ورد الشرع بالستر والاستتار والتعريض للمقر بالرجوع عن الإقرار وقال لهزال وهو الذي امر ما عزابا بالاقرار (ياهزال لو سترت بثوبك لكان خيراً لك) وقال أصحاب الشافعي توبة هذا إقراره ليقام عليه الحد وليس بصحيح لما ذكرنا ولأن التوبة توجد حقيقتها بدون الإقرار وهي تجب ما قبلها كما ورد في الأخبار مع ما دلت عليه الآيات في مغفرة الذنوب بالاستغفار وترك الأسرار وأما البدعة فالتوبة منها بالاعتراف بها واعتقاد ضد ما كان يعتقد منها

<<  <  ج: ص:  >  >>