للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قول أكثر أهل العلم.

وحكي ابن أبي موسى أنه يجوز تأخير الصلاة حال التحام القتال في رواية، وقال أبو حنيفة وابن أبي ليل لا يصلي مع المسايفة ولا مع المشي لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل يوم الخندق وأخر الصلاة، ولأن ما يمنع الصلاة في غير شدة الخوف يمنعها معه كالحدث والصياح، وقال الشافعي يصلي لكن إن تابع الطعن والضرب أو المشي أو فعل ما يطول بطلت صلاته لأن ذلك من مبطلات الصلاة أشبه الحدث

ولنا قوله عزوجل (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) وقال ابن عمر فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها متفق عليه.

وروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في غير شدة الخوف فأمرهم بالمشي الى وجاه العدو وهم في الصلاة ثم يعودن لقضاء ما بقي من صلاتهم، وهذا مشي كثير وعمل طويل واستدبار للقبلة فاذا جاز ذلك مع أن الخوف ليس بشديد فمع شدته أولى، ومن العجب اختيار أبي حنيفة هذا الوجه دون سائر الوجوه التي لا تشتمل على العمل في أثناء الصلاة وتسويغه إياه مع الغناء عنه ثم منعه في حال الحاجة اليه بحيث لا يقدر على غيره فكان العكس أولى ولأنه مكلف تصح طهارته فلم يجز له اخلاء وقت الصلاة عن فعلها كالمريض، ويخص الشافعي بأنه عمل أبيح للخوف فلم يبطل الصلاة كاستدبار القبلة والركوب والايماء وبهذا ينتقض ما ذكره.

فأما تأخير الصلاة يوم الخندق فروى أبو سعيد أنه كان قبل نزول صلاة الخوف ويحتمل أنه شغله المشركون فنسي الصلاة، فقد نقل ما يدل على ذلك ويؤكد ما ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا في مسايفة توجب قطع الصلاة، وأما الصياح الحدث فلا حاجة بهم اليه ولا يلزم من كون الشئ مبطلاً مع عدم العذر أن تبطل معه كخروج النجاسة من المستحاضة ومن في معناها

<<  <  ج: ص:  >  >>