للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ صِله أَبَدَا ... تَقْدِيرًا أو لَفْظًا بِمِن إن جُرِّدَا

ــ

مصدر الفعل المتوصل إليه تمييزًا فتقول زيد أشد استخراجًا من عمرو، وأقوى بياضًا، وأفجع موتًا "وأفعل التفضيل صله أبدا تقديرًا أو لفظًا بمن إن جردا" من أل والإضافة جارة للمفضول. وقد اجتمعا في {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} أي: منك. أما المضاف والمقرون بأل فيمتنع وصلهما بمن.

تنبيهات: الأول اختلف في معنى من هذه، فذهب المبرد ومن وافقه إلى أنها لابتداء الغاية وإليه ذهب سيبويه، لكن أشار إلى أنها تفيد مع ذلك معنى التبعيض فقال في هو أفضل من زيد: فضله على بعض ولم يعم. وذهب في شرح التسهيل إلى أنها بمعنى المجاوزة, وكأن القائل زيد أفضل من عمرو قال، جاوز زيد عمرًا في الفضل: قال ولو كان

ــ

إلخ وبهذا يندفع ما يقال الإحالة على باب التعجب توهم جواز نصب المصدر هنا وجره بالباء وأن نصبه على المفعول به, وكلاهما غير صحيح. قاله الشاطبي. قوله: "وأفجع موتًا" فيه أن هذا المثال ليس مما نحن فيه؛ لأن المقصود الإخبار بالزيادة في الفجعة لا في الموت فهو على الأصل. قوله: "صله أبدا" أي: إن أبقى على أصله من إفادة الزيادة على معين فإن عري عنها لم يجب وصله بمن لا لفظًا ولا تقديرًا كما ستعرفه. قوله: "تقديرًا" أي: بأن تحذف مع مجرورها للعلم به فلو لم يعلم لم يجز الحذف وقد يذكر مع العلم نحو: {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} [الجمعة: ١١] ، قاله الدماميني. قوله: "فيمتنع وصلهما بمن" أي: التي الكلام فيها وهي الجارة للمفضول. ووجه الامتناع أن الوصل في المجرد إنما وجب ليعلم المفضول، وهو مع الإضافة مذكور صريحًا, ومع أل في حكم المذكور؛ لأن أل إشارة إلى معين تقدم ذكره لفظًا أو حكمًا وتعيينه يشعر بالمفضول، فعلى هذا لا تكون أل في أفعل التفضيل إلا للعهد؛ لئلا يعرى عن ذكر المفضول أفاده شارح الجامع. قوله: "اختلف في معنى من هذه" أي: على ثلاثة أقوال: قول المبرد، وقول سيبويه، وقول المصنف في شرح التسهيل. قوله: "لابتداء الغاية" أي: المسافة في ارتفاع نحو: خير منه أو انحطاط نحو: شر منه. قوله: "وإليه ذهب سيبويه" الضمير يرجع إلى أنها لابتداء الغاية لا بقيد كونه فقط كما يقول المبرد بدليل ما بعد. قوله: "معنى التبعيض" يؤخذ من قول سيبويه في هو أفضل من زيد فضله على بعض ولم يعم أن المراد بالتبعيض كون مجرورها بعضًا لا التبعيض المتقدم في حروف الجر، وحينئذٍ لا ينهض الوجه الأول من وجهي إبطال التبعيض الآتيين. قوله: "إلى أنها بمعنى المجاوزة" أي: مجاوزة الفاضل المفضول بمعنى زيادته عليه في الوصف والمراد أنها تفيد ذلك مع بقية التركيب, فسقط الاعتراض بأنها لو كانت للمجاوزة لصح أن تقع موقعها عن على أن صحة وقوع المرادف موقع مرادفه إذا لم يمنع مانع. وهنا منع مانع وهو الاستعمال؛ لأن اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجر إلا من, وهذا الجواب الثاني ذكره المصرح والشمني وهو أولى؛ لأن التزام كون المفيد للمجاوزة جملة التركيب مع كونه قابلًا للمنع يؤدي إلى عدم حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>