للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما تتميز به كلمة عن كلمة "الكمية"، كما في قال و"قل"، ففي المثال الأول لين أطول من الفتحة التي في الثاني، وفي الثاني تشديد أطول من الإفراد الذي في الأول، وهذا فرق في الكمية، ومن ذلك النبر، ولكن اللغة العربية استغنت بوسائلها المتعددة، عن استخدام هذه الوسيلة من وسائل التمييز بين الكلمات، ومثال التمييز بالنبر في الإنجليزية كلمة Contract مع وضع النبر على أول أصوات الكلمة، و Contract مع وضعه r، ومعنى الكملة الأولى "عقد" ومعنى الثانية يتفق اتفقا مدونًا، ومن ذلك أيضًا نغمة الكلمة؛ وهي تستخدم في اللغة الصينية، وفي لغات غرب أفريقيا، وهذا النوع من اللغات يسمى - Tone Languages، كل ذلك يسمى الخلافات الصغرى التي يفرق بها بين كلمة وأخرى.

وقد يجري التفريق بخلافين أصغرين أو أكثر، كما في "قل" و"قال" حيث يفرق بينهما بصوت الضمة في مقابل صوت الألف اللينة من جهة، وباختلاف كمية طولهما من جهة آخرى، وكما في "قل" و"قاس"، حيث نضيف إلى الخلافين السابقين ثالثًا بين اللام والسين، والمفهوم أن قال في المقارنة الأولى، وقاس في الثانية ساكنان بالوقف.

وأهم شيء في هذا الصدد أن يكون مجموعة الخلافات الصوتية بين كلمة، وكل كافيا، لأن يبرر دعوى اختلافهما، أما الطريقة التي يتوصل بها إلى إيجاد مجموع هذا، فليس لها مثل هذه الأهمية، وإنما نقول: مجموع الخلافات؛ لأن هذه الخلافات باعتبارها فرادى قد لا يكفي واحد منها للترفيق، بنفسه فحسب، بين الكلمتين، ولكنها مجتمعة قد تكفي لذلك.

هذه النظرة إلى الفونيم يمكن أن تسمى نظرة عضوية تركيبية؛ لأنها تعترف بكلمة "عائلة أصوات"، ولكن نظرات أخرى إلى الفونيم قد أخذت تنافسها في التفكير اللغوي، وأهمها النظرة العقلية، والنظرة الوظيفية التركيبية، فأما أصحاب النظرة الأولى، فيعتبرون الفونيم صوتًا مفردًا، وله تجريد ذهني، أو صورة ذهنية، يستحضرها المتكلم إلى علقه بالإرادة، ويحاول بلا وعي أن ينطقها في الكلام، فينجح في بعض الأحوال في تحقيق صورة الصوت بالنطق، ولكنه في أحوال

<<  <   >  >>