للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المذهب الثالث]

مذهب المحاكاة. وخلاصته أن الإنسان سمى الأشياء، بأسماء مقتبسة من أصواتها، أو بعبارة أخرى أن تكون أصوات الكلمة، نتيجة تقليد مباشر لأصوات طبيعية صادرة عن الإنسان أو الحيوان أو الأشياء، وتسمى مثل هذه الكلمات عند علماء الغرب: Onomatopoeia.

وقد عرض لهذا الرأي من علماء المسلمين ابن جني، فقال: "وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها، إنما هو من الأصوات المسموعات، كدوي الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونغيق الغراب، وصهيل الفرس ... ونحو ذلك. ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد"١. وقد ارتضى ابن جني هذا الرأي فقال معقبا عليه: "وهذا عندي وجه صالح ومذهب متقبل".

وأول من دافع عن هذا المذهب، من علماء الغرب بالتفصيل العالم الألماني "هردر" Harder في كتابه "بحوث في نشأة اللغة" Abhandlungen uber den Ursprung der Sprache الذي نشره سنة ١٧٧٢م.

ومما قد يؤيد هذه النظرية، ما نجده في بعض الأحيان، من اشتراك في بعض الأصوات، في الكلمات التي تحاكي الطبيعة في عدة لغات، فإن الكلمة التي تدل على الهمس، هي في العربية كما نعرف: "همس"، وفي


١ الخصائص ١/ ٤٦، ٤٧.

<<  <   >  >>