للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التعليق على الخبر]

ليس هناك شكٌّ في أن الأخبار في ذاتها لا تؤثر في حياة الناس, ما لم تكن لها صلاتٌ وثيقةٌ بمصالحهم الخاصة والعامة، ولذا يحتاج القراء إلى فهم هذه الأخبار وإدراكها إدراكًا صحيحًا على ضوء هذه المصالح، وهذا ما يسمى عند علماء الصحافة: "الوعي الصحافيّ"، وعلى الصحافة واجبٌ عظيمٌ هو الوصول بقرائها إلى هذا الوعي، ولا يكون ذلك إلّا عن طريق الشرح لمدلول الأخبار، وتكييفها بحيث تمس وجدان الناس، وتخاطب شعورهم ومصالحهم في وقت معًا، ولا يكون ذلك في أكثر الأحيان إلّا عن طريق "التعليق الصحفيّ".

والتعليق الصحفيّ على هذا النحو يجعل للأحداث التي تنشرها الجريدة معنًى ومغزًى، ويكسبها رائحة وطعمًا، وهو فوق هذا وذاك, يتحكم في نظرة القراء إلى هذه الأحداث؛ فمرةً يحكم التعليق الصحفيّ على بعض الأخبار بأنه تافه، وأخرى يحكم على بعضها بأنه خطير، وتارةً يصفها بأنها حوادث عابرة، وأخرى يصفها بأنها مقدمات لأزمةٍ حادةٍ تؤدي لنتيجة ما، وهكذا.

ومن هنا كان سلطان الصحافة عظيمًا على نفوس الجماهير، ومن هنا كانت الصحافة مسئولة إلى حد كبير عن الثورات، والانقلابات، والتغييرات التي تخضع لها الشعوب، وفي هذه المسئولية الأخيرة، يشترك الأدب مع الصحافة، فليس يكفي أن يقع الظلم على الشعوب حتى تثور، وإنما يشترط للثورة التي يقوم بها الشعب أن يحس هذا الشعب إحساسًا قويًّا بظلم الظالمين، ولن يكون هذا الإحساس الخطير إلّا عن طريق الأدب من

<<  <   >  >>