للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحيل الصحفية أو الصراع بين الصحيفة والرقيب]

منذ القدم والمعركة حامية بين الحاكم والمحكوم حول مسألة "حرية الرأي", وتشتد هذه المعركة دائمًا كلما تأزمت الأمور أمام الحاكم، وخاصةً في ظروف الحرب، أو الثورة أو الانقلاب، أو الظروف التي تخضع فيها الأمة لحكومةٍ أجنبيةٍ عنها، وفي كل واحدٍ من تلك الظروف يشعر الحاكم بأنه في غاية الحرج، فلا هو يستطيع أن يكاشف الأمة بأسرار الموقف السياسيّ، ولا الشعب صابرٌ على أن يقاد في الطريق كما تقاد الأنعام، وفي كل ظرف من الظروف المتقدمة يضطر الحاكم إلى فرض الرقابة التامة على الصحف والكتب، وذلك أقصى ما يستطيع الحاكم نفسه أن يفعله في مثل هذه الظروف.

أما الشعب -ممثلًا في الكتب والصحافة- فإنه يسلك في سبيل غايته طرقًا خاصةً، ليس هنا موضع إحصائها، ولكنا نسوق طرقًا منها على سبيل المثال.

نحن نعرف أن الأدب أسبق في ظهوره من الصحافة، ونذكر أن الأدباء -في عصور الاضطهاد الدينيّ والسياسيّ- ذهبوا مذاهب شتَّى في مقاومة الاضطهاد, على أي شكل من أشكاله، ولعل أقدم صورة من صور النقد السياسيّ حفظها لنا التاريخ, هي صورة "القصص على ألسنة الحيوان" كما تظهر لنا في كتاب "كليلة ودمنة" لابن المقفع.

وقد صرَّحَ لنا هذا الكاتب بأن له أغراضًا أربعةً من وضع هذا الكتاب:

<<  <   >  >>