للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مراحل إعادة الحديث الصحفي، ونموذج له]

...

أن يبدأ استقصائي الأحوال في مراكش بهذا الجانب من الأنباء، وقررت تأدية الصلاة في حضرة السلطان.. وكانت الساعة الثانية عشرة قد انتصفت فيممت شطر المسجد الواقع مقابل القصر، ودلفت إليه، فلم أجد به إلّا قليلًا جدًّا من العاكفين على قراءة القرآن، فاستميزت بينهم واحدًا قعدت إلى جانبه بعد أن صليت ركعتين تحيةً للمسجد، فسمعته يرتل القرآن ويقرؤه بالقراءات السبع.

ودهشت إذ فاتت الساعة الثانية عشرة دون أن يزيد عدد الحاضرين بالمسجد إلّا قليلًا، وعلمت بعد ذلك أن ساعة الزوال في الرباط إنما هي الساعة الواحدة بعد الظهر!!

فظللت أشاهد الوافدين، والمتوضئين الحاملين معهم "سجاجيدهم". الصغيرة، وغير الحاملين، وأستمع للمرتلين القرآن علانيةً حتى الساعة الواحدة بعد الظهر، وأنا أغيِّر مواضع الساقين مني، تلمسًا للراحة في هذا الجلوس الطويل..

وعزفت الموسيقي، وتقدم فرسان الحرس ومشاته، وتحرك الركب السلطانيّ من القصر متجهًا إلى المسجد، ووقفت العربة السلطانية أمام نيابة الصغير، فدخل منه السلطان إلى مقصورته الخشبية.

وأذن المؤذن في الخارج، ودعا الداعي إلى الإنصات في الداخل، وألقى الخطيب الخطبة، ودعا فيها للخليفة محمد الخامس بالنصر والتأييد، وقامت الصلاة, ثم خرج رجال القصر، والوزراء، واصطفوا أمام المسجد تحيةً للسلطان؛ إذ يخرج ويمتطى هذه المرة جواده، ويعود إلى قصره، فأسرعت في الخروج واستطعت أن أقف إلى جانبه، وأحيي السلطان تحيته، فعرفني جلالته, وقد سبق أن حظيت بالمثول بين يديه منذ خمس سنين، وتفضل جلالته عليَّ بالسلام، فسجلت بهذا حضوري.

<<  <   >  >>