للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- صنعة ابن المقفع في كتبه ورسائله:

رأينا ابن المقفع يعمل في دواوين الحكماء والأمراء، ولكن أهميته لا ترجع إلى أنه كان كاتبًا من كتاب الدواوين، وإنما ترجع إلى أنه كان مترجما عن البهلوية، إذ حاول أن ينقل إلى اللغة العربية خير ما عرفه في لغته الفارسية، سواء أكان ما عرفه فيها فارسيا خالصا، أم كان يونانيا أم كان هنديا.

أما الفارسي الخالص فمنه ما يرد إلى تراث القوم الديني، وقد ترجم منه كتاب مزدك١، ومنه ما يرد إلى تراثهم التاريخي والأدبي، وهو تراث كان يدور في أغلبه حول البلاط الإيراني، وحولياته، وتقاليده، ومن هذا التراث ترجم كتاب "خد اي نامه" في سير ملوكهم، وقد اعتمد الفردوسي على هذا الكتاب في تأليف ملحمته "الشهنامة". وأيضا ترجم كتاب "آيبن نامة"، وهو في أنظمة الملك والدولة الساسانية، وقد بقيت منه مقتطفات كثيرة في عيون الأخبار لابن قتيبة تدل على أنه كان يعالج نظام القضاء وفنون الحرب ومكايدها، وترجم أيضا كتاب التاج في سيرة أنوشروان، ورسالة تنسر وكل هذه الكتب -على ما يظهر- كانت كتبا رسمية أصدرها البلاط الساساني.

وترجم بجانبها بعض ما نقل إلى لغته من التراث اليوناني، إذ يقولون: إنه ترجم لأرسطو المقولات٢، وبجانب ذلك نجده يترجم قصص كليلة ودمنة، وهي قصص ترجع إلى أصول هندية.. وقد عثر هرتل "hertel" على أحد أصول هذه القصص، وهو كتاب "ينج تانترا" الهندي كما عثر غيره على أصل آخر هو كتاب "هتو بادشا"، ووجد الباحثون في "المهابهارتا".


١ انظر في الكتب الفارسية التي ترجمها ابن المقفع كتاب الفهرست ص ١٧٢.
٢ الفهرست ص ٣٤٨، وطبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة "طبع المطبعة الوهبية" ١/ ٣٠٨.

<<  <   >  >>