للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا هو السر في تنسكهم. على أنهم قد استغنوا في هذا الزمان عن التنسك، لانقياد أهله بغير ذلك، وقد يستدرجهم الله وأمثالهم ـ ممن يريد ضلاله ـ بإظهار شيء من الخوارق على أيديهم، كما يظهره الله على يد الدجال، وأيدي بعض الرهبان، ليتبين الموقن من المرتاب.

[مثالهم في الزندقة]

وقد ضربوا ـ لتصحيح زندقتهم ـ مثالًا مكروا فيه بمن لم ترسخ قدمه في الإسلام، ولا خالط أنفاس النبوة، حتى صار يدفع الشبه.

حاصل ذلك المثال: أنهم يصلون إلى الله بغير وساطة المبعوث بالشرع، فتم لهم المكر، وتبعهم في ذلك أكثر الرعاع، ولم يبالوا بخرق الإجماع، وذلك المثال: أن ملكًا أقام على بابه سيفًا، وقال له: من دخل بغير إذنك فاقتله، وقال لغيره: أذنت لك في الدخول متى شئت، فإذا دخل الغير، فقد أصاب، وعنوا بالسياف الشارع. فما أفادهم مثالهم مع زندقتهم به شيئًا، فإنهم اعترفوا فيه بإباحة دمائهم، وهو قصد أهل الشريعة، ومن يعتقد أن لأحد من الخلق طريقًا إلى الله من غير متابعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو كافر من أولياء الشيطان بالإجماع، فإن رسالته ـ صلى الله عليه وسلم ـ عامة ودعوته شاملة " (تنبيه الغبي إلى كفر الفارض وابن عربي لبرهان الدين البقاعي ص١٨ ـ ٢١) . انتهى منه بلفظه.

ثم شرع المؤلف رحمه الله بعد ذلك يورد كلام أئمة الدين والعلم في بيان كفر هؤلاء وزندقتهم، وشرح ما جاء في الفصوص لابن عربي وبين كفره وزندقته وكذبه على الله ورسوله واستهزاءه بالأنبياء والمرسلين وادعاءه أن كل موجود هو الله. وكذلك استعرض قصيدة ابن الفارض المشهورة التائية وبين ما فيها من كفر وزندقة وأنها والفصوص وجهان لعملة واحدة وصورتان لكتاب واحد وهي وحدة الوجود التي ينادي بها هؤلاء الزنادقة.

وعلى كل حال لو تتبعنا كلام علماء المسلمين قديمًا في شأن التحذير من التصوف فإنه أمر يطول شرحه.

وأما في العصر الحديث فإن التصوف على الرغم من انتشاره في غفلة من المسلمين

<<  <   >  >>