للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتابة التاريخ: بين رفيق العظم وطه حسين

أثار "طه حسين" جدلا طويلا حول طريقة كتابة التاريخ عندما اعتمد على كتاب "الأغاني" في تصوير الحياة العقلية للقرن الثاني الهجري مما أدى إلى إسباغ صورة الخلاعة والمجون على هذا العصر، وقد نظر طه حسين إلى هذا العصر ممثلا في أبي نواس وأضرابه من الشعراء فحكم على العصر كله بأنه عصر شك ومجون قال: "إن هذا العصر الذي انحلت الدولة الأموية وقامت فيه الدولة العباسية قد كان عصر شك ومجون"١.

قال ص٥٠: "إن هؤلاء الشعراء كانوا يمثلون عصرهم حقا وكانوا أشد تمثيلا وأصدق لحياته تصويرا من الفقهاء والمحدثين وأصحاب الكلام. وأن هؤلاء العلماء على ارتفاع أقدارهم لم يأمنوا أن يكون من بينهم من شك كما شك الشعراء ولها كما لها الشعراء".

وقد وجد هذا من الرأي للدكتور طه هجومًا وسجالا عنيفين: وأبرز من تناول هذا رفيق العظم وإبراهيم المازني:

١- من رفيق العظم إلى طه حسين ٢:

مما يلفت النظر ويستدعي التمحيص والحذر من ذلك الحديث حكمكم أن أبا نواس ومن في طبقته أو على شاكلته من الشعراءكانوا مثلا صادقا للعصر الذي عاشوا فيه. وأن الرشيد والمأمون ذهبا من الشك والاستماع باللذائذ في ذلك العصر مذهب أبي نواس وأضرابه من شعراء المجون. وقد سردتم طائفة من الشعر والأخبار المنسوبة إليهم واستنتجتم منها ذلك الحكم الذي يحتاج إلى تمحيص كثير.

إن الحقائق التاريخية ولا سيما في تاريخ الإسلام شبه الدر الملقى بين


١ "مقدمة كتاب حديث الأربعاء جـ١".
٢ السياسة ٧ فبراير ١٩٢٣".

<<  <   >  >>