للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأدب المكشوف: بين توفيق دياب وسلامة موسى]

سلامة موسى ١:

كان "الأدب المكشوف" من الموضوعات التي كثر حولها الجدل وتشعب القول. وقد جرت مساجلة بين سلامة موسى وتوفيق دياب في ٩ ديسمبر ١٩٢٧ عن الأدب المكشوف والأدب المستور ثم لم تلبث جريدة السياسة أن فتحت مجال المناقشة وكان السؤال هو: هل يضيرنا أن يسمي كتابنا الأشياء بأسمائها وأن يكتبوا أو يعربوا لقارئاتهم، وقرائهم ما تنطوي عليه مخادع الزوجين أو الخليلين من أسرار طالما ظلت مكتومة؟ أم هل تقول بأن المتعمق في وصف التفاصيل مضعف لأخلاق الناشئين والناشئات، شديد الإثارة للشهوات وإذن يجب أن تقمع الأقلام بعض الشيء فلا تخوض في هذه الأمور إلا على حذر واستحياء.

وقد دافع سلامة موسى عن الحرية المطلقة في الأدب وعدم التقيد أصلا بالأخلاق بينما قمع توفيق دياب من جهة النظر الأخرى ودخل المعركة كثيرون من بعد واستمرت سنوات طويلة.

موضوع الأدب هو موضوع الطبيعة البشرية في حقيقتها والتسامي بهذه الطبيعة إلى ما هو أرقى منها مما يبصره الأديب بما يشبه بصيرة النبي. فالعلم يقرر الواقع. ولكن الأدب يسمو بالواقع إلى ما هو أرقى منه. فاعلم كالصورة الفوتوغرافية والأدب كرسم اليد.

فإذا عالج الأديب موضوع الحب فهو لا يقنع بما هو مألوف من العلاقات الجنسية بل يسمو بها إلى ما هو أرقى من المألوف، فإذا احتاج في ذلك إلى صراحة تامة فيجب أن يمنح هذا الحق أن للأديب قيدًا وحدًا فقط يتقيد به هو إخلاصه في عمله وله الحق ما دام مخلصًا في أن ينال الحرية في أن يبحث بصراحة كاملة جميع مسائل الجنس كما يبحث العالم مسائل الغازات السامة مثلا.


١ نشرها في المجلة الجديدة "المجلد الأول ١٣٠".

<<  <   >  >>