للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: ديوان وحي الأربعين]

بين مصطفى صادق الرافعي وعباس محمود العقاد:

هذه إحدى معارك الصراع بين المدرسة القديمة والمدرسة الحديثة، بين علمين من أكبر أعلامها، بين الرافعي والعقاد، كانت الخصومة بينهما قديمة، لها جذور بعيدة المدى منذ إصدار كتاب "إعجاز القرآن" وقرظة سعد زغلول وغضب العقاد, واتهم الرافعي بأنه هو كاتب التقريظ واتهم سعد زغلول، ونامت الخصومة ثمة, ثم تجددت.

١- من الرافعي إلى العقاد ١:

ولم أر في كل ما قرأت من شعر أدبائنا ما يستوفي أوصاف الشعر الوسط كنظم صاحب وحي الأربعين عباس محمود العقاد فله فلسفة وفكر وطريقة وله منزع بعيد ومرمى قصي وله اطلاع على شعر الأمم وآدابها، وفيه رغبة شديدة إلى أن يكون مبدعا مجددًا، وقد ارتهن نفسه بملامسة صناعة الأدب وفرغ لها فراغ من يعيش لما يعيش به وانغمس منها انغماس السمكة في بحرها أو مستنقعها، ولكنه أعطى هذا كله ولم يعط أسباب التمكن فيه وتكلف لمظاهر القدرة العالية ولم يهبه الله خصائص هذه القدرة وجاوز عند نفسه حدود العبقرية لزعمه القوي وهو محتبس من ورائها بطبعة الضعيف وأغرق في المحاولة ليغرق مثل ذلك في الخيبة, وجاء بالكثير ليرد عليه الكثير أيضا, وقدم لنا شعره على أنه التجديد والعبقرية وأنه وأنه، وليعد ما شاء من الأوصاف, ولكن ماذا ينفع ملكة جمال أن يكون فيها كل شرائط الجمال وهي عوراء؟

وقبل أن نتناول شعر الوحي نريد أن ندل العقاد على سر سقوطه في الشعر


١ البلاغ ١٨ مارس ١٩٣٣.

<<  <   >  >>