للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسرعة عجيبة، فلا تلبث أن يمحى منها الجزء الانفعالي ولا يبقى إلا عبارة عديمة اللون, ولغة الكلام ميالة إلى تزويد جملها بعدد كبير من الكلمات termes الخالية من التعبير والتي كأنها حشو بين الكلمات المعبرة، مثال ذلك في الفرنسية: "allez y tiens, n.htm'est - ce pas, voyez - vous, penses - tu "هيا إليه، خذ، أليس كذلك؟ أترى, أتظن" وكل منا يستطيع أن يفاجئ نفسه في محادثاته اليومية وهو يخلط كلامه بعبارات formules من هذا القبيل. هذه العبارات كانت منطقية فصارت انفعالية، وهي تنتهي عادة بأن تصير من الآليات. وآخر أطوارها هو الطور الذي تتجرد فيه مما كانت تحتوي من العنصر العقلي ومن العنصر العاطفي على السواء.

فاللغة الانفعالية تنفذ في اللغة النحوية وتسطو عليها وتفككها. لذلك يمكن أن يفسر عدم استقرار النحو بفعل الانفعالية إلى حد كبير. فالمثل المنطقي الأعلى للنحو هو أن يوجد لكل وظيفة عبارة، وعبارة واحدة لكل وظيفة. ولتحقيق هذا المثل يجب أن تكون اللغة ثابتة ثبوت الجبر حيث يبقى الرمز، منذ أن يصاغ لأول مرة، ثابتا لا يتغير في جميع العمليات التي يستعمل فيها.

ولكن الجمل ليست رموزا جبرية. فالانفعالية لا تنفك تكسو عبارة الفكر المنطقية وتلونها, إذ لا يكرر المرء مطلقا جملة واحدة بعينها مرتين، ولا يستعمل كلمة بعينها مرتين بنفس القيمة، لأنه لا يوجد مطلقا واقعتان لغويتان تتماثلان تماثلا تاما. ويرجع السبب في ذلك إلى ظروف دائبة على التعديل من أحول انفعاليتنا.

<<  <   >  >>