للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نطقا ونحوا وإن كانت مفرداتها غريبة عن الأرمينية١. ذلك أن القالب النحوي الواحد يمكن أن تصب فيه مفردات مختلفة.

العلم الذي موضوعه دراسة المفردات يسمى الاشتقاق Etymologie٢. وتنحصر في أخذ ألفاظ القاموس كلمة كلمة، وتزويد كل واحدة منها بما يشبه أن يكون بطاقة شخصية يذكر فيها من أين جاءت ومتى وكيف صيغت والتقلبات التي مرت بها, فهو إذن علم تاريخي يحدد صيغة كل كلمة في أقدم عصر تسمح المعلومات التاريخية بالوصول إليه ويدرس الطريق الذي مرت به الكلمة مع التغيرات التي أصابتها من جهة المعنى أو من جهة الاستعمال. ومن ضياع الوقت أن نحاول البرهان على أهمية هذا العلم. فلم يأخذ العلماء في تأسيس الصوتيات والصرف المقارنين إلا بفضل ما وصل إليه الاشتقاق من نتائج. والاشتقاق والصوتيات والصرف يسند بعضها بعضا. فما دامت القواعد التي يجري عليها تتابع الأصوات والصيغ النحوية في صورة الاشتقاق، فإن هذا الاشتقاق الذي يطبقها تطبيقا صحيحا يقدم لعلم اللغة إحدى المساعدات.

ولكن الاشتقاق يعطي فكرة زائفة عن طبيعة المفردات، لأن كل ما يعنى به هو أن يبين كيف تكونت المفردات. والكلمات لا تستعمل في واقع اللغة تبعا لقيمتها التاريخية؛ فالعقل ينسى خطوات التطور المعنوي التي مرت بها، ونقول ينساها إذا افترضنا أنه عرفها يوما من الأيام, وللكلمات دائما قيمة حضورية actuelle، يعنى أنه محدود باللحظة التي تستعمل فيها، ومفرد، يعني أنه خاص بالاستعمال الوقتي الذي تستعمل إياه٣.

وإذا تصفحنا قاموسا اشتقاقيا كان أول ما يلفت نظرنا بعد العدد الكبير من الكلمات التي لا يذكر لها أي اشتقاق جدير بالاعتبار، إنما هي وفرة المعاني غير


١ Finck فنك: Die Sprache der armenischen zigeuner، في نشرات أكاديمية سانت بيتر سبرج الدورية مجلد ٨، رقم ٥ "١٩٠٧".
٢ عن الاشتقاق انظر مؤلفات الأستاذ أ. توماس. وراجع أيضا توبيسن Thurneysen. رقم ٢١٤.
٣ بلي bally، رقم ٤٥ صفحة ٢١، ٤٧.

<<  <   >  >>