للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمهيد: أصل اللغ ة ١

يثير الإنسان دائما دهشة السامع كلما قال بأن مسألة أصل الكلام ليست من مسائل علم اللغة. ومع ذلك فليس هذا القول إلا الحقيقة بعينها. فغالبية أولئك الذين كتبوا عن أصل الكلام منذ مائة عام يهيمون في تيه من الضلال، لأنهم لم يتنبهوا إلى هذه الحقيقة: وغلطتهم الأساسية أنهم يواجهون هذه المسألة من الناحية اللغوية، كما لو كان أصل الكلام يختلط بأصل اللغات.

إن اللغويون يدرسون اللغات التي تتكلم والتي تكتب، ويتتبعون تاريخها بمساعدة أقدم الوثائق التي كشف عنها، ولكنهم مهما أوغلوا في هذا التاريخ، فإنهم لا يصلون إلا إلى لغات قد تطورت وتركت خلفها تاريخا ضخما لا نعرف عنه شيئا. أما فكرة الوصول إلى إعادة بناء رطانة بدائية بمقارنة لغات موجودة بالفعل فسراب خداع. ولكن هذا السراب، الذي ربما كان مؤسسو علم النحو المقارن يتطلعون إليه قديما، قد هجر منذ زمن طويل.

هناك لغات تنتسب إلى تواريخ منها القديم ومنها الأقدم. ونحن نعرف بعض لغاتنا الحديثة في صور قديمة ترجع إلى أكثر من عشرين قرنا ولكن أقدم اللغات المعروفة "اللغات الأمهات"، كما تسمى أحيانا، لا شيء فيها من


١ تاريخ طيب لهذه المسألة في بورنسكي Borinski رقم ١٤٦، ص٣-٢٠ وانظر أيضا جسبرسن jespersen رقم ١٣٤، ص٣٢٨-٣٦٥. وقد كتبت عن هذه المسألة مؤلفات كثيرة. والأسماء الرئيسية التي تقرن بالاتجاهات أو الخطى الرئيسية في الماضي هي:
J. J. Rousseau, Essai sur porigine des langues "ouvrage posthume" Harder, Geburt der Sprasche mit der ganzen Entwicklung der menschlichen krafte, ١٧٧٠, J. Grimm, Uber den Ursprung der Sprache, ١٨٥١, Steinthal, Ursprung der Sprache in Zusmmenhang mit der letzten Fragen alles wissens, ١٨٥١ "الطبعة الرابعة ١٨٨٨"، Renan رقم ١١.

<<  <   >  >>