للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلا كبيرا، وقلما تجد الأمر بخلاف ما قلته لك ولله عاقبة الأمور.

قال ابن عبد الظاهر: والملك الكامل هو الذي اهتم بعمارتها وعمارة أبراجها، البرج الأحمر وغيره، فكملت في سنة أربع وستمائة، وتحوّل إليها من دار الوزارة ونقل إليها أولاد العاضد وأقاربه وسجنهم في بيت فيها، فلم يزالوا فيه إلى أن حوّلوا منه في سنة إحدى وسبعين وستمائة. قال: وفي آخر سنة اثنتين وثمانين وسنمائة شرع السلطان الملك المنصور قلاون في عمارة برج عظيم على جانب باب السرّ الكبير، وبنى علوه مشترفات وقاعات مرخمة لم ير مثلها، وسكنها في صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة، ويقال أن قراقوش كان يستعمل في بناء القلعة والسور خمسين ألف أسير.

البئر التي بالقلعة: هذه البئر من العجائب، استنبطها قراقوش. قال ابن عبد الظاهر:

وهذه البئر من عجائب الأبنية، تدور البقر من أعلاها فتنقل الماء من نقالة في وسطها، وتدور أبقار في وسطها تنقل الماء من أسفلها، ولها طريق إلى الماء ينزل البقر إلى معينها في مجاز، وجميع ذلك حجر منحوت ليس فيه بناء، وقيل أن أرضها مسامّة أرض بركة الفيل وماؤها عذب. سمعت من يحكي من المشايخ أنها لما نقرت جاء ماؤها حلوا، فأراد قراقوش أو نوّا به الزيادة في مائها، فوسع نقر الجبل فخرجت منه عين مالحة غيرت حلاوتها. وذكر القاضي ناصر الدين شافع بن عليّ في كتاب عجائب البنيان، أنه ينزل إلى هذه البئر بدرج نحو ثلاثمائة درجة.

[ذكر صفة القلعة]

وصفة قلعة الجبل أنها بناء على نشزعال، يدور بها سور من حجر بأبراج وبدنات حتى تنتهي إلى القصر الأبلق، ثم من هناك تتصل بالدور السلطانية على غير أوضاع أبراج الغلال، ويدخل إلى القلعة من بابين، أحدهما بابها الأعظم المواجه للقاهرة، ويقال له الباب المدرّج، وبداخله يجلس والي القلعة، ومن خارجه تدق الخليلية قبل المغرب. والباب الثاني باب القرافة، وبين البابين ساحة فسيحة في جانبها بيوت، وبجانبها القبليّ سوق للمآكل، ويتوصل من هذه الساحة إلى دركاه جليلة كان يجلس بها الأمراء حتى يؤذن لهم بالدخول، وفي وسط الدركاه باب القلعة، ويدخل منه في دهليز فسيح إلى ديار وبيوت وإلى الجامع الذي تقام به الجمعة، ويمشي من دهليز باب القلعة في مداخل أبواب إلى رحبة فسيحة في صدرها الإيوان الكبير المعدّ لجلوس السلطان في يوم المواكب، وإقامة دار العدل. وبجانب هذه الرحبة ديار جليلة، ويمرّ منها إلى باب القصر الأبلق، وبين يدي باب القصر رحبة دون الأولى يجلس بها خواص الأمراء قبل دخولهم إلى الخدمة الدائمة بالقصر، وكان بجانب هذه الرحبة محاذيا لباب القصر خزانة القصر، ويدخل من باب القصر في دهاليز خمسة إلى قصر عظيم، ويتوصل منه إلى الإيوان الكبير بباب خاص، ويدخل منه

<<  <  ج: ص:  >  >>