للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصف من ربيع الأوّل سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وهي من مدارس الحنفية.

[المدرسة البوبكرية]

هذه المدرسة بجوار درب العباسي قريبا من حارة الوزيرية بالقاهرة، بناها الأمير سيف الدين اسنبغا بن الأمير سيف الدين بكتمر البوبكري الناصريّ، ووقفها على الفقهاء الحنفية، وبنى بجانبها حوض ماء للسبيل وسقاية ومكتبا للأيتام، وذلك في سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، وبنى قبالتها جامعا، فمات قبل إتمامه وكان يسكن دار بدر الدين الأمير طرنطاي المجاورة للمدرسة الحسامية، تجاه سوق الجواري، فلذلك أنشأ هذه المدرسة بهذا المكان لقربه منه، ثم لما كانت سنة خمس عشرة وثمانمائة، جدّد بهذه المدرسة منبرا وصار يقام بها الجمعة. اسنبغا بن بكتمر الأمير ... «١» .

[المدرسة البقرية]

هذه المدرسة في الزقاق الذي تجاه باب الجامع الحاكميّ المجاور للمنبر، ويتوصل من هذا الزقاق إلى ناحية العطوف، بناها الرئيس شمس الدين شاكر بن غزيل، تصغير غزال، المعروف بابن البقريّ، أحد مسالمة القبط وناظر الذخيرة في أيام الملك الناصر الحسن بن محمد بن قلاون، وهو خال الوزير الصاحب سعد الدين نصر الله بن البقريّ، وأصله من قرية تعرف بدار البقر، إحدى قرى الغربية، نشأ على دين النصارى، وعرف الحساب وباشر الخراج إلى أن أقدمه الأمير شرف الدين بن الأزكشيّ استادار السلطان ومشير الدولة في أيام الناصر حسن، فاسلم على يديه، وخاطبه بالقاضي شمس الدين، وخلع عليه واستقرّ به في نظر الذخيرة السلطانية، وكان نظرها حينئذ من الرتب الجليلة، وأضاف إليه نظر الأوقاف والأملاك السلطانية، ورتبه مستوفيا بمدرسة الناصر حسن، فشكرت طريقته وحمدت سيرته وأظهر سيادة وحشمة، وقرّب أهل العلم من الفقهاء، وتفضل بأنواع من البرّ، وأنشأ هذه المدرسة في أبدع قالب وأبهج ترتيب، وجعل بها درسا للفقهاء الشافعية، وقرّر في تدريسها شيخنا سراج الدين عمر بن عليّ الأنصاريّ، المعروف بابن الملقن الشافعيّ، ورتب فيها ميعادا وجعل شيخه صاحبنا الشيخ كمال الدين بن موسى الدميريّ الشافعيّ، وجعل إمام الصلوات بها المقرئ الفاضل زين الدين أبا بكر بن الشهاب أحمد النحويّ، وكان الناس يرحلون إليه في شهر رمضان لسماع قراءته في صلاة التراويح لشجا صوته، وطيب نغمته، وحسن أدائه، ومعرفته بالقراءات السبع والعشر والشواذ، ولم يزل ابن البقريّ على حال السيادة والكرامة إلى أن مرض مرض موته، فأبعد عنه من يلوذ به من النصارى، وأحضر الكمال الدميريّ وغيره من أهل الخير، فما زالوا عنده حتى مات وهو يشهد شهادة الإسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>