للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبني موضعه مسجدا، وكان الصناع يعملون فيه ليلا ونهارا، حتى أنه تفطر بعد ذلك واحتيج إلى تجديده.

[المسجد المعروف بمعبد موسى]

هذا المسجد بخط الركن المخلق من القاهرة تجاه باب الجامع الأقمر المجاور لحوض السبيل، وعلى يمنة من سلك من بين القصرين طالبا حبة باب العيد. أوّل من اختطه القائد جوهر عندما وضع القاهرة. قال ابن عبد الظاهر: ولما بنى القائد جوهر القصر دخل فيه دير العظام، وهو المكان المعروف الآن بالركن المخلق، قبالة حوض الجامع الأقمر، وقريب دير العظام، والمصريون يقولون بئر العظمة، فكره أن يكون في القصر دير فنقل العظام التي كانت به والرّمم إلى دير بناه في الخندق، لأنه كان يقال إنها كانت عظام جماعة من الحواريين، وبنى مكانها مسجدا من داخل السور، يعني سور القصر. وقال جامع سيرة الظاهر بيبرس: وفي ذي الحجة سنة ستين وستمائة ظهر بالمسجد الذي بالركن المخلق من القاهرة حجر مكتوب عليه. هذا معبد موسى بن عمران عليه السلام، فجدّدت عمارته وصار يعرف بمعبد موسى من حينئذ، ووقف عليه ربع بجانبه، وهو باق إلى وقتنا هذا.

[مسجد نجم الدين]

هذا المسجد ظاهر باب النصر، أنشأه الملك الأفضل نجم الدين أبو سعيد أيوب بن شادي يعقوب بن مروان الكرديّ، والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وجعل إلى جانبه حوض ماء للسبيل ترده الدواب في سنة ست وستين وخمسمائة، ونجم الدين هذا قدم هو وأخوه أسد الدين شيركوه من بلاد الأكراد إلى بغداد، وخدم بها وترقى في الخدم حتى صار دزدارا بقلعة تكريت ومعه أخوه، ثم إنه انتقل عنها إلى خدمة الملك المنصور عماد الدين أتابك زنكي بالموصل، فخدمه حتى مات، فتعلق بخدمة ابنه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي فرقّاه وأعطاه بعلبك، وحج من دمشق سنة خمس وخمسمائة، فلما قدم ابنه صلاح الدين يوسف بن أيوب معه عمه أسد الدين شيركوه من عند نور الدين محمود إلى القاهرة، وصار إلى وزارة العاضد بعد موت شيركوه، قدم عليه أبوه نجم الدين في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وخمسمائة، وخرج العاضد إلى لقائه وأنزله بمناظر اللؤلؤة، فلما استبدّ صلاح الدين بسلطنة مصر بعد موت الخليفة العاضد أقطع أباه نجم الدين الإسكندرية البحيرة إلى أن مات بالقاهرة، في يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ذي الحجة، سنة ثمان وستين وخمسمائة، وقيل في ثامن عشرة من سقطة عن ظهر فرسه خارج باب النصر، فحمل إلى داره فمات بعد أيام، وكان خيّرا جوادا متدينا محبا لأهل العلم والخير، وما مات حتى رأى

<<  <  ج: ص:  >  >>