للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرت أخبار بني المغربيّ عند ذكر بساتين الوزير من بركة الحبش، ويتعلق بهذا الموضع من خبرهم أن أبا الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ بن محمد بن المغربيّ، لما خرج من بغداد وصار إلى مصر في أيام العزيز بالله بن المعز لدين الله في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة رتب له في كلّ سنة ستة آلاف دينار، وصار من شيوخ الدولة. فقال يوما لمؤدّب ولده أبي القاسم حسين، وهو عليّ بن منصور بن طالب، المعروف بأبي الحسن دوخلة بن القادح سرّا: أنا أخاف همة ابني أبي القاسم أن تنزو به إلى أن يوردنا مورد الأصدر عنه، فإن كانت الأنفاس مما تحفظ وتكتب فاكتبها واحفظها وطالعني بها. فقال أبو القاسم في بعض الأيام لمؤدّبه هذا: إلى متى نرضى بالخمول الذي نحن فيه؟ فقال له: وأيّ خمول هذا، تأخذون من مولانا في كل سنة ستة آلاف دينار، وأبوكم من شيوخ الدولة؟ فقال: أريد أن تصار إلى أبوابنا الكتائب والمواكب والمقانب، ولا أرضى بأن يجرى علينا كالولدان والنسوان، فأعاد ذلك على أبيه فقال: ما أخوفني أن يخضب أن أبو القاسم هذه من هذه، وقبض على لحيته وهامته، وعلم ذلك أبو القاسم فصارت بينه وبين مؤدّبه وحشة، وكان ذلك في خلافة الحاكم بأمر الله منصور بن العزيز، وتحدّث القائد أبي عبد الله الحسين بن جوهر، وكان الحاكم قد أكثر من قتل رؤساء دولته، وصار يبعث إلى القائد كلما قتل رئيسا برأسه ويقول: هذا عدوّي وعدوّك، فقبض على أبي الحسن عليّ بن الحسين المغربيّ والد الوزير أبي القاسم الحسين، وعلى أخيه أبي عبد الله محمد بن الحسين، وعلى محسن ومحمد أخوي الوزير المذكور، لثلاث خلون من ذي القعدة سنة أربعمائة، وفرّ الوزير أبو القاسم الحسين بن المغربيّ من مصر في زيّ حمّال، لليال من ذي القعدة، ولحق بحسان بن الجرّاح، وكان من أمره ما كان.

[ذكر الأحواض والآبار التي بالقرافة]

حوض القرافة: أمر ببنائه السيدة ست الملك، عمّة الحاكم بأمر الله، ابنة المعز لدين الله، في شعبان سنة ست وستين وثلاثمائة واختلّ في أيام العادل أبي الحسن بن السلار وزير مصر في سنة ست وأربعين وخمسمائة، فأمر بعمارته، ثم انشق في سنة ثمانين وخمسمائة، فجدّده القاضي السعيد ثقة الثقات ذو الرّياستين، أبو الحسن عليّ بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن أحمد بن يعقوب بن مسلم بن منبه، أحد بني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزوميّ، صاحب النظر في ديوان مصر، ومصنف كتاب المنهاج في أحكام الخراج. وهو كتاب جليل الفائدة، ولم تزل آثار هذا القاضي حميدة ومقاصده سديدة، وعنده نخوة قرشية، ومروءة وعصبية، وهو وإن طاب أصولا، فقد زكا فروعا، وإن تفرّقت في سواه فضائل فقد جمعها الله فيه جميعا، ولم يزل مذ كان يسعى في الأمانة على صراط مستقيم، آخذا بقوله تعالى أخبارا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>