للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر الأهرام]

اعلم أنّ الأهرام كانت بأرض مصر كثيرة جدّا، منها بناحية بوصير «١» شيء كثير، بعضها كبار، وبعضها صغار، وبعضها طين ولبن، وأكثرها حجر، وبعضها مدرج، وأكثرها مخروط أملس، وقد كان منها بالجيزة تجاه مدينة مصر، عدّة كثيرة كلها صغار هدمت في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على يد قراقوش، وبنى بها قلعة الجبل والسور المحيط بالقاهرة، ومصر والقناطر التي بالجيزة.

وأعظم الأهرام الثلاثة التي هي اليوم قائمة تجاه مصر، وقد اختلف الناس في وقت بنائها، واسم بانيها والسبب في بنائها، وقالوا في ذلك أقوالا متباينة، أكثرها غير صحيح، وسأقص عليك من نبأ ذلك ما يشفي، ويكفي إن شاء الله تعالى.

قال الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه الكاتب في أخبار مصر وعجائبها في أخبار سوريد بن سهلوق بن سرياق بن توميدون بن بدرسان بن هوصال أحد ملوك مصر قبل الطوفان الذين كانوا يسكنون في مدينة أمسوس الآتي ذكرها عند ذكر مدائن مصر من هذا الكتاب، وهو الذي بنى الهرمين العظيمين بمصر المنسوبين إلى شدّاد بن عاد، والقبط تنكر أن تكون العادية دخلت بلادهم لقوّة سحرهم.

وسبب بناء الهرمين أنه كان قبل الطوفان بثلاثمائة سنة، قد رأى سوريد في منامه، كأنّ الأرض انقلبت بأهلها، وكأنّ الناس قد هربوا على وجوههم، وكأنّ الكواكب تتساقط ويصدم بعضها بعضا بأصوات هائلة، فغمه ذلك، ولم يذكره لأحد، وعلم أنه سيحدث في العالم أمر عظيم، ثم رأى بعد ذلك بأيام كأنّ الكواكب الثابتة، نزلت إلى الأرض في صور طيور بيض، وكأنها تختطف الناس، وتلقيهم بين جبلين عظيمين، وكأن الجبلين قد انطبقا عليهم، وكأن الكواكب المنيرة مظلمة مكسوفة، فانتبه مرعوبا مذعورا، ودخل إلى هيكل الشمس، وتضرّع ومرّغ خدّيه على التراب وبكى، فلما أصبح، جمع رؤساء الكهنة من جميع أعمال مصر، وكانوا مائة وثلاثين كاهنا، فخلا بهم وحدّثهم ما رآه أوّلا وآخرا، فأوّلوه بأمر عظيم يحدث في العالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>