للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتاب، وينفق على العمال به، وتنال لهم المؤن لحفره، واستخراج الزمرّذ منه، وهو في جبال مرملة يحفر فيه، وربما سقط على الجماعة به فماتوا. وكان يجمع ما يخرج منه، ويحمل إلى الفسطاط، ومنه يحمل إلى البلاد، وقد كان الناس يسيرون من قوص إلى معدن الزمرّذ، في ثمانية أيام بالسير المعتدل.

وكانت البجاه، تنزل حوله وقريبا منه لأجل القيام بحفره، وحفظه وهذا المعدن في الجبل الآخذ على شرقيّ النيل في بحريّ قطعة عظيمة من هذا الجبل تسمى: اقرشندة، وليس هناك من الجبال أعلى منها، وهو في منقطع من البرّ لا عمارة عنده، ولا حوله ولا قريبا منه، والماء عنه مسيرة نصف يوم أو أزيد، وهو ما يتحصل من المطر، ويعرف بغدير أعين يكثر بكثرة المطر، ويقلّ بقلته، وهذا المعدن في صدر مفازة طويلة في حجر أبيض يستخرج منه الزمرّذ، وهذا الحجر الأبيض، ثلاثة أنواع أحدها يقال له: طلق كافوريّ، والثاني يقال له: طلق فضيّ، والثالث يقال له: حجر جرويّ، ويضرب في هذه الحجارة، حتى يخرج الزمرّذ، وهو كالغريق فيه، وأنواعه الريانيّ، وهو أقلّ من القليل لا يخرج إلا في النادر، وإذا استخرج ألقي في الزيت الحار، ثم يحط في قطن، ويصرّ ذلك القطن في خرق خام أو نحوها، وكان الاحتراز على هذا المعدن كثير جدّا، ويفتش الفعلة عند الخروج منه كل يوم، حتى تفتش عوراتهم، ومع ذلك فيختلسون منه بصناعات لهم في ذلك، ولم يزل هذا المعدن يستخرج منه الزمرّذ إلى أن أبطل العمل منه الوزير الصاحب علم الدين عبد الله بن زنبور في أيام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاون في سنة بضع وستين وسبعمائة.

وفي سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، كانت فتنة كبيرة بمدينة قفط، سببها أنّ داعيا من بني عبد القوي، ادّعى أنه داود بن العاضد، فاجتمع الناس عليه، فبعث السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، أخاه الملك العادل أبا بكر بن أيوب على جيش، فقتل من أهل قفط نحو ثلاثة آلاف، وصلبهم على شجرها ظاهر قفط بعمائمهم، وطيالستهم.

[ذكر مدينة دندرة]

هي إحدى مدن الصعيد الأعلى القديمة بناها قفطريم بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام، وكا فيها بربا عظيمة، فيها: مائة وثمانون كوّة تدخل الشمس في كل يوم من كوّة، حتى تأتي على آخرها، ثم تكرّ راجعة إلى حيث بدأت، وكانت روحانيتها الموكلة بها تظهر في هيئة إنسان له رأس أسد بقرنين، وكان بها أيضا شجرة تعرف بشجرة العباس متوسطة، وأوراقها خضر مستديرة، إذا قال الإنسان عندها: يا شجرة العباس، جاءك الفاس، تجتمع أوراقها، وتحزن لوقتها، ثم تعود كما كانت، وبين دندرة، وبين قوص بريد واحد، وكانت بربا دندرة أعظم من بربا إخميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>