للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيفا، فيصبح لاحقا بهم، وفي يديه مثل ما في أيديهم، وكان لا يركب أحد في القصر إلا الخليفة، ولا ينصرف ليلا ونهارا إلا كذلك، وله في الليل شدّادات من النساء يخدمن البغلات والحمير الإناث للجواز في السراديب القصيرة الأقباء، والطلوع على الزلاقات إلى أعالي المناظر والأماكن، وفي كل محلة من محلات القصر فسقية مملوءة بالماء خيفة من حدوث حريق في الليل.

[كيفية سماط شهر رمضان بهذه القاعة]

قال ابن الطوير: فإذا كان اليوم الرابع من شهر رمضان، رتب عمل السماط كل ليلة بالقاعة بالقصر إلى السادس والعشرين منه، ويستدعى له: قاضي القضاة ليالي الجمع توقيرا له، فأما الأمراء، ففي كل ليلة منهم قوم بالنوبة، ولا يحرمونهم الإفطار مع أولادهم، وأهاليهم، ويكون حضورهم بمسطور يخرج إلى صاحب الباب، وأسفهسلاره، فيعرف صاحب كل نوبة ليلته، فلا يتأخر ويحضر الوزير، فيجلس صدره، فإن تأخر كان ولده أو أخوه، وإن لم يحضر أحد من قبله كان صاحب الباب، ويهتم فيه اهتماما عظيما تاما بحيث لا يفوته شيء من أصناف المأكولات الفائقة، والأغذية الرائقة، وهو مبسوط في طول القاعة، مادّ من الرواق إلى ثلثي القاعة المذكورة، والفرّاشون قيام لخدمة الحاضرين، وحواشي الأستاذين يحضرون الماء المبخر في كيزان الخزف برسم الحاضرين، ويكون انفصالهم العشاء الآخرة، فيعمهم ذلك، ويصل منه شيء إلى أهل القاهرة من بعض الناس لبعض، ويأخذ الرجل الواحد ما يكفي جماعة، فإذا حضر الوزير أخرج إليه مما هو بحضرة الخليفة، وكانت يده فيه تشريفا له، وتطييبا لنفسه، وربما حمل لسحوره من خاص ما يعين لسحور الخليفة نصيب وافر، ثم يتفرّق الناس إلى أماكنهم بعد العشاء الآخرة بساعة أو ساعتين، قال: ومبلغما ينفق في شهر رمضان لسماطه مدّة سبعة وعشرين يوما ثلاثة آلاف دينار.

[عمل سماط عيد الفطر بهذه القاعة]

قال الأمير المختار عز الملك بن عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن عبد العزيز المسبحيّ في تاريخه الكبير: وفي آخر يوم منه يعني شهر رمضان سنة ثمانين وثلثمائة، حمل يانس الصقلبي صاحب الشرطة السفلى السماط، وقصور السكر والتماثيل، وأطباقا فيها تماثيل حلوى، وحمل أيضا عليّ بن سعد المحتسب القصور وتماثيل السكر.

وقال ابن الطوير: فأما الأسمطة الباطنة التي يحضرها الخليفة بنفسه، ففي يوم عيد الفطر: اثنان، ويوم عيد النحر: واحد، فأما الأوّل من عبيد الفطر، فإنه يعين في الليل بالإيوان قدّام الشباك الذي يجلس فيه الخليفة، فيمدّ ما مقداره ثلثمائة ذراع في عرض سبعة

<<  <  ج: ص:  >  >>