للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها الطائفة البرقية، ذكرها المسبّحي «١» . قال ابن عبد الظاهر: ولما نزل بالقاهرة- يعني المعزّ لدين الله- اختطّت كلّ طائفة خطة عرفت بها، قال: واختطت جماعة من أهل برقة الحارة المعروفة بالبرقية، انتهى. وإلى هذه الحارة تنسب الأمراء البرقية.

ذكر الأمراء البرقيّة ووزارة ضرغام

وذلك أنّ الصالح طلائع بن رزيك كان قد أنشأ في وزارته أمراء يقال لهم البرقيّة، وجعل ضرغاما مقدّمهم، فترقّى حتّى صار صاحب الباب، وطمع في شاور السعدي لما ولي الوزارة بعد رزيك بن الصالح طلائع بن رزيك، فجمع رفقته وتخوّف شاور منه، وصار العسكر فرقتين: فرقة مع ضرغام وفرقة مع شاور. فلمّا كان بعد تسعة أشهر من وزارة شاور ثار ضرغام في رمضان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وصاح على شاور فأخرجه من القاهرة، وقتل ولده الأكبر المسمّى بطيّئ، وبقي شجاع المنعوت بالكامل، وخرج شاور من القاهرة يريد الشام كما فعل الوزير رضوان بن ولخشي فإنه كان رفيقا له في تلك الكرّة، واستقرّ ضرغام في وزارة «٢» الخليفة العاضد لدين الله بعد شاور، وتلقّب بالملك المنصور، فشكر الناس سيرته، فإنه كان فارس عصره، وكان كاتبا جميل الصورة فكه المحاضرة عاقلا كريما لا يضع كرمه إلا في سمعة ترفعه أو مداراة تنفعه إلا أنه كان أذنا مستحيلا على أصحابه، وإذا ظنّ في أحد شرّا جعل الشكّ يقينا، وعجّل له العقوبة. وغلب عليه مع ذلك في وزارته أخواه ناصر الدين همام وفخر الدين حسام، وأخذ يتنكّر لرفقته البرقيّة الذين قاموا بنصرته وأعانوه على إخراج شاور وتقليده للوزارة من أجل أنه بلغه عنهم أنّهم يحسدونه ويضعون منه، وأنّ منهم من كاتب شاور وحثّه على القدوم إلى القاهرة ووعده بالمعاونة له، فأظلم الجوّ بينه وبينهم، وتجرّد للإيقاع بهم على عادته في أسرع العقوبة، وأحضرهم إليه في دار الوزارة ليلا وقتلهم بالسيف صبرا وهم: صبح بن شاهنشاه، والطهر مرتفع المعروف بالجلواص، وعين الزمان، وعلي بن الزبد، وأسد الفازي وأقاربهم وهم نحو من سبعين أميرا سوى اتباعهم، فذهبت لذلك رجال الدولة واختلّت أحوالها وضعفت بذهاب أكابرها وفقد أصحاب الرأي والتدبير، وقصد الفرنج ديار مصر فخرج إليهم همام أخو ضرغام، وانهزم منهم، وقتل منهم عدّة، ونزلوا على حصن بلبيس «٣» ، وملكوا بعض السور، ثمّ ساروا وعاد همام عودا رديئا، فبعث به ضرغام إلى الإسكندرية وبها الأمير مرتفع الجلواص، فأخذه العرب وقاده همام إلى أخيه، فضرب عنقه وصلبه على باب زويلة، فما هو إلا أن قدم رسل الفرنج على ضرغام في طلب مال الهدنة المقرّر في كلّ سنة- وهو ثلاثة

<<  <  ج: ص:  >  >>