للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يعدو كونه شعوذة وتدجيلاً ورجماً بالغيب دون دليل وبرهان فقد اتخذ المغرضون من هذا الدليل على بطلان العقائد الإسلامية التي تستند إلى الدليل والبرهان ولكن أهل الحضارة الحديثة لم يكن عندهم الوقت ليميزوا بين العقائد الباطلة والعقائد الحقة فحكموا عليها جميعاً بحكم واحد ووضعوها جميعاً تحت قضية واحدة هذه القضية تقول بما أن العقائد الدينية كالهندوكية والنصرانية والبوذية لا تعدو أن تكون ترهات وخزعبلات وبما أن الإسلام أيضاً عقيدة دينية من هذه العقائد فهو كذلك، وتحت هذه القياس الشمولي الباطل جابه الإسلام كما جابهت العقائد الأخرى موجة المد الحضاري المادي وخسر المسلمون في هذه المجابهة كثيراً من رجالهم الذين اهتزت عندهم العقائد الدينية الموروثة وانصرفوا إلى الإيمان بالإله الجديد الذي يمثله العلم المادي الذي وصف بأنه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم.

وسعى الإنسان لاهثاً خلف هذا الإله الجديد فلا يكاد يظهر مخترع جديد حتى يصفق الناس له، ولا تكون تظهر نظرية علمية تفسر شيئاً من هذا الكون حتى يسجد الناس سجدة شكر في محراب العلم، وابتدأ علماء المادة ينكبون بالبحث والتجريب في كل ناحية من نواحي الحياة، وفي كل يوم يرى الناس عجيباً وغريباً، وفي أثناء هذا الركض اللاهث نحو غايات العبادة المادية الجديدة فقد الناس عقائدهم القديمة وطلقوها وابتدأ الناس ينتظرون أن يحقق العلم المادي سعادة الإنسان على الأرض وراحته وأمنه ومستقبل أجياله، وأن يفسر لهم لغز الحياة والموت الذي يتحكم في وجودهم وفنائهم وأن يجيب على أسئلتهم الحائرة، لماذا أوجدنا؟ وإلى أين نسير؟ ومن خلق هذا الكون؟ ولماذا تتصرف المادة حسب قوانين ثابتة؟ ومن خلق هذه القوانين؟.. الخ إلى مئات من الأسئلة الحائرة ولكن هذا الانتظار طال، بل كلما مرت أيام

<<  <   >  >>